بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (86)

{ كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إيمانهم وَشَهِدُواْ أَنَّ الرسول حَقٌّ وَجَاءهُمُ البينات } أي بعدما ظهر لهم العلامات { والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } فإن قيل في ظاهر الآية أن من كفر بعد إسلامه ، لا يهديه الله ، ومن كان ظالماً لا يهديه الله ، وقد رأينا كثيراً من المرتدين ، أسلموا وهداهم الله ، وكثيراً من الظالمين تابوا عن الظلم . قيل له : لا يهديهم الله ما داموا مقيمين على كفرهم وظلمهم ، ولا يُقْبِلُون إلى الإسلام ، فأما إذا جاهدوا ، وقصدوا الرجوع ، وفقهم الله لذلك لقوله : { والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين } [ سورة العنكبوت : 69 ] وتأويل آخر : { كَيْفَ يَهْدِي الله } يقول : كيف يرشدهم إلى الجنة ؟ كما قال في آية : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } [ النساء : 168 ] ويقال : كيف يرحمهم الله وينجيهم من العقوبة ؟ ويقال : كيف يغفر الله لهم ؟ وقالت المعتزلة : كَيْفَ يَهْدِي الله ؟ معناه : كيف يكونون مهتدين ، لأنهم لا يرون الهداية ، والاهتداء في الابتداء إلا على سبيل الجزاء ، ويرون ذلك من كسب العبد .