قوله ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ) الآية [ 86 ] قال ابن عباس : كان رجل من الأنصار أسلم ، ثم ارتد ، وهو الحارث بن سويد( {[10364]} ) فأرسل إلى قومه أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم : هل لي من توبة ؟ فأنزل الله عز وجل ( كَيْفَ يَهْدِي [ اللَّهُ ]( {[10365]} ) قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ) ثم أنزل الله ( إِلاَّ الذِينَ تَابُوا( {[10366]} ) مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فأرسل إليه قومه وأسلم( {[10367]} ) .
وقال مجاهد : نزلت الآيتان بعد ارتداد الحارث بن سويد فحملها إليه رجل فقرأ عليه الآية الأولى ثم قرأ عليه الآية ( إِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن بَعْدٍ ذَلِكَ ) الآية فقال الحارث : إنك –والله ما علمت- لصدوق ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق منك . وإن الله سبحانه لأصدق الثلاثة ثم رجع فأسلم وحسن إسلامه( {[10368]} ) .
قال السدي : نزلت في الحارث بن سويد حين ارتد ثم نسخها( {[10369]} ) الله بقوله : ( إِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا( {[10370]} ) )( {[10371]} ) .
وروي أنه كان يظهر الإسلام فلما كان يوم أحد قتل المجذر بن زياد بدم كان له عليه ، وقتل قيس بن زيد ، وارتد ولحق بمشرك ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر أن يقتله إن ظفر به ، ففاته ، ثم بعث إلى أخيه من مكة يطلب التوبة ، فأنزل الله عز وجل ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ ) الآيتين .
وقال كثير من المفسرين : إنما نزلت في اليهود لأنهم وجدوا في التوراة إن الله جل ذكره ناجى موسى عليه السلام وكان في مناجاته " يا أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني ، ورحمتكم قبل أن تسترحموني ، فقال موسى عليه السلام : جعلت وفادتي لغيري " ، وذلك قوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا )( {[10372]} ) " أي : إذ ناجينا موسى بهذا أن : يا( {[10373]} ) أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني إلى آخر القصة( {[10374]} ) .
وقيل : نزلت في قوم ارتدوا( {[10375]} ) .
وقيل : نزلت في أهل الكتاب لأنهم عرفوا محمداً صلى الله عليه وسلم وصفته ، ثم كفروا به عن علم بصحة نبوته( {[10376]} ) .
وقال القرظي( {[10377]} ) : [ كان ]( {[10378]} ) ناس من أهل مكة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا ، فمكثوا ما شاء الله في المدينة ، ثم خرجوا وارتدوا ولحقوا بالمشركين فأنزل الله ذلك فيهم ثم تعطف عليهم فأنزل الله ( إِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا ) الآية .
قوله : ( وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ) : معطوف على الفعل الذي تضمنه المصدر وهو إيمانهم ، تقديره بعد أن آمنوا وشهدوا ولا يجوز عطفه على ( كَفَرُوا ) لفساد المعنى( {[10379]} ) . وقال الحسن : هم اليهود والنصارى عرفوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم وشهدوا أنه حق قبل مبعثه فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك وكذبوه وأنكروه حسداً وبغياً ، وقلوبهم تشهد أنهم مبطلون في ذلك( {[10380]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.