فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (86)

قوله : { كَيْفَ يَهْدِى الله قَوْمًا } هذا الاستفهام معناه الجحد ، أي : لا يهدي الله ، ونظيره قوله تعالى : { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ الله } [ التوبة : 7 ] أي : لا عهد لهم ، ومثله قول الشاعر :

كَيْفَ نَومْي عَلى الفِراش ولما *** تَشْمل الشَامَ غَارة شَعْواءُ

أي : لا نوم لي . ومعنى الآية : لا يهدي الله قوماً إلى الحق كفروا بعد إيمانهم ، وبعدما شهدوا أن الرسول حق ، وبعد ما جاءتهم البينات من كتاب الله سبحانه ، ومعجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } جملة حالية ، أي : كيف يهدي المرتدّين ، والحال أنه لا يهدي من حصل منهم مجرد الظلم ؛ لأنفسهم ، ومنهم الباقون على الكفر ، ولا ريب أن ذنب المرتدّ أشدّ من ذنب من هو باق على الكفر ؛ لأن المرتدّ قد عرف الحق ، ثم أعرض عناداً ، وتمرّداً .

/خ91