وقوله تعالى : { قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله } الآية ، هذه الآيةُ عامَّةٌ في جميع النَّاسِ إلى يوم القيامةِ ، فتَوْبَةُ الكَافِرِ تَمْحُو ذَنْبَهُ ، وتوبة العاصي تمحو ذنبَهُ ؛ على ما تقدَّم تفصيلُهُ ، واختُلِفَ في سبب نزولِ هذه الآية ، فقال عطاءُ بن يَسَارٍ : نزلَتْ في وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حمزة ، وقال ابن إسحاق وغيره : نزلَتْ في قومٍ بمكَّةَ آمنوا ، ولم يُهَاجِرُوا وفَتَنَتْهُمْ قُرَيْشٌ ، فافتتنوا ، ثم نَدِمُوا وَظَنُّوا أنهم لا تَوْبَةَ لَهم ، فنزلَتِ الآيةُ فِيهِم ، منهم الوَلِيدُ بْنُ الوَلِيدِ وَهِشَامُ بْنُ العَاصي ؛ وهذا قولُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، وأنه كَتَبَهَا بِيدِهِ إلى هشامِ بْنِ العَاصِي ، الحديثَ ، وقالتْ فرقةٌ : نزلَتْ في قومٍ كُفَّارٍ مِنْ أهْلِ الجاهليَّةِ ، قالوا : وَمَا يَنْفَعُنَا الإسْلاَمُ ، وَنَحْنُ قد زَنَيْنَا وَقَتَلْنَا النَّفْسَ ، وأَتَيْنَا كُلَّ كبيرةٍ ، فَنَزَلَتِ الآيةُ فِيهمْ ، وقالَ عليُّ بْنُ أبي طَالِبِ ، وابنُ مَسْعُودٍ ، وابنُ عُمَرَ : هذِهِ أرْجَى آية في القرآن .
ورَوَى ثَوْبَانُ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَا أُحِبُّ أَنَّ لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الآيةِ { قُلْ يا عبادي " و{ أَسْرَفُواْ } معناه أَفْرَطُوا ، والقَنَطُ أعْظَمُ اليَأْسِ ، وقرأ نافعٌ والجمهورُ ( تَقْنَطُوا ) بفتح النون ، قال أبو حاتم : فيلزمهم أن يقرؤوا { مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُواْ بكسرها ولم يقرأْ بهِ أحَدٌ ، وقرأ أبو عمرو ( تَقْنِطُوا ) بالكسر .
وقوله : { إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً } عمومٌ بمعنى الخصوصِ ؛ لأن الشِّرْكَ لَيْسَ بداخلٍ في الآيةِ إجماعاً ، وهي أيضاً في المعاصِي مقيَّدةٌ بالمشيئةِ ، ورُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ :{ إن اللَّه يغفرُ الذنوبَ جَميعاً ولاَ يُبَالِي } وقَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ : { إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ يَشَاءُ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.