الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ} (12)

والعامل في { إذ يوحي }[ 12 ] ، { ويثبت به الاقدام }{[26960]} .

وقيل المعنى : واذكر { إذ يوحي }{[26961]} .

وقيل : أوحى الله عز وجل ، { إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا }[ 12 ] ، فكان المَلَكُ يظهر للرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل فيقول : سمعت أبا سفيان وأصحابه يقولون : لئن حمل علينا هؤلاء لنُهْزَمنَّ ! فتقوى بذلك قلوب المؤمنين{[26962]} .

وقوله : { فاضربوا فوق الاعناق }[ 12 ] .

أي : اضربوا الأعناق{[26963]} .

وقال الأخفش : { فوق } زائدة{[26964]} .

وقيل المعنى : اضربوا الرؤوس{[26965]} ؛ لأنها فوق الأعناق .

وقال أبو عبيدة{[26966]} : { فوق } بمعنى : " على " ، والمعنى فاضربوا على الأعناق .

يقال : ضربته على رأسه وفوق رأسه بمعنى{[26967]} .

وقوله : { واضربوا منهم كل بنان }[ 12 ] .

أي : اضربوا الأطراف من الأيدي والأرجل{[26968]} .

و " البنان " {[26969]} : [ أطراف ]{[26970]} أصابع اليدين والرجلين{[26971]} .

وقال عطية{[26972]} ، والضحاك : " البنان " : كل مفصل{[26973]} .

وواحد " البنان " " بنانة " ، وهي : الأصابع وغيرها من الأعضاء ، وهذا قول الزجاج{[26974]} .

وقوله : { فثبتوا الذين آمنوا }[ 12 ] .

هذا أمر من الله عز وجل ، للملائكة .

وقيل : إن المَلَك كان يأتي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : سمعت هؤلاء القوم يعني المشركين ، يقولون : والله لئن حملوا علينا لننكشفن ! فيتحدث بذلك المسلمون ، وتقوى نفوسهم{[26975]} .

وقيل معنى ثبتوهم أي : بالمدد{[26976]} .


[26960]:إعراب القرآن للنحاس 2/180، بلفظ: "أي: يثبت به ذلك الوقت"، والكشاف 2/194، بلفظ: "يجوز أن يكون بدلا ثالثا من {وإذ يعدكم}، وأن ينتصب بـ: {يثبت}، وتفسير القرطبي 7/240، وفيه: "...أي: يثب به الأقدام ذلك الوقت".
[26961]:معاني القرآن للزجاج 2/404، وإعراب القرآن للنحاس 2/180، وتفسير القرطبي 7/240، وزاد: "في موضع نصب"، وحاشية الصاوي على الجلالين 2/103، بلفظ: "معمول لمحذوف، أي: اذكر".
[26962]:هو غير منسوب أيضا فيجامع البيان 13/428، باختلاف في اللفظ.
[26963]:وهو قول عطية، والضحاك، كما في جامع البيان 13/429، وتفسير الماوردي 2/301، وزاد المسير 3/330، وزاد نسبته إلى الأخفش، وابن قتيبة، وتفسير القرطبي 7/240، وزاد نسبته إلى الأخفش. وساقه ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن 177، ونقله عن مكي في تفسير المشكل من غريب القرآن 181. قال الطبري: مصدر سابق، "واحتج قائلو هذه المقالة بأن العرب تقول: "رأيت نفس فلان"، بمعنى: رأيته. قالوا: فكذلك قوله: {فاضربوا فوق الاعناق}، إنما معناه: فاضربوا الأعناق". وهو قول الأخفش الآتي.
[26964]:معاني القرآن 1/342 معناها: اضربوا الأعناق، كما تقول: "رأي نفس زيد"، تريد: زيدا". وهو في مشكل إعراب القرآن 1/312، وإعراب القرآن للنحاس 2/180، وفيه: "وهذا عند محمد بن يزيد [المبرد] خطأ؛ لأن فوقا يفيد معنى، فلا يجوز زيادتها، ولكن المعنى أنهم أُبيحوا ضرب الوجوه وما قرب منها"، والمحرر الوجيز 2/508، وتفسير القرطبي 7/240، والبحر المحيط 4/464، وفيه: "وهذا ليس بجيد؛ لأن {فوق} اسم ظرف، والأسماء لا تزاد"، والدر المصون 3/404. وفي مصادر التخريج زيادات توضيحية، مفيدة، فراجعها.
[26965]:وهو قول عكرمة في جامع البيان 13/430، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1668، وتفسير الماوردي 2/301، وزاد المسير 3/330، بنص عبارة مكي، وتفسير ابن كثير 2/293، والدر المنثور 4/35. وأورده المؤلف غير منسوب أيضا في مشكل إعراب القرآن 1/312. قال القرطبي في تفسيره 7/240، "والضرب على الرأس أبلغ؛ لأن أدنى شيء يؤثر في الدماغ".
[26966]:في الأصل: أبو عبيد، وهو تحريف.
[26967]:مجاز القرآن 1/242، بلفظ: "...،مجازه: على الأعناق، يقال: فوق الرأس، وضربته على الرأس". وهو قول الضحاك وعطية العوفي في تفسير ابن كثير 2/293، وفيه: "ويشهد لهذا المعنى أن الله تعالى أرشد المؤمنين إلى هذا في قوله تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق}، [محمد:4]., قال الطبري، المصدر السابق، معقبا على الآثار التي ساقها في تأويل قوله: {فوق الاعناق}: "وإذا كان الأمر محتملا ما ذكرنا من التأويل، لم يكن لنا أن نوجِّهه إلى بعض معانيه دون بعض، إلا بحجة يجب التسليم لها. ولا حجة تدل على خصوصه، فالواجب أن يقال: إن الله أمر بضرب رؤوس المشركين وأعناقهم وأيديهم وأرجلهم، أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، الذين شهدوا بدرا".
[26968]:في جامع البيان 13/431، "....واضربوا، أيها المؤمنون من عدوكم كل طرف ومفصل من أطراف أيديهم وأرجلهم".
[26969]:في الأصل: والبنين، وهو تحريف.
[26970]:زيادة من "ر" وتفسير المشكل من غريب القرآن 181، وجامع البيان الذي نقل عنه مكي.
[26971]:جامع البيان 13/431، بلفظ: "و"البنان" جمع "بنانة" وهي أطراف...".
[26972]:هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي، الكوفي، أبو الحسن، توفي سنة 111هـ. انظر: تهذيب التهذيب 3/114، وتقريب التهذيب 333.
[26973]:جامع البيان 13/432، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1668، وزاد نسبته إلى عكرمة، والسدي، وتفسير ابن كثير 2/293، وزاد نسبته إلى عكرمة. وفي زاد المسير 3/330،:....قاله عطية، والسدي.
[26974]:معاني القرآن وإعرابه 2/405، وأورده النحاس في إعراب القرآن 2/180، وعنه نقل مكي، انظر: تفسير القرطبي 7/240. وفي "ر": الزجاجي، وهو تحريف.
[26975]:هو قول الفراء في معاني القرآن 1/405، وهو في جامع البيان 13/428، من غير نسبة.
[26976]:في معاني القرآن للزجاج 2/404: "...وجائز أن يكونوا يرونهم مددا، فإذا عاينوا نصر الملائكة ثبتوا". وفي تفسير القرطبي 7/240: "وقيل: كان التثبيت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، للمؤمنين نزول الملائكة مددا"، للتوسع انظر: المحرر الوجيز 2/507، 508، والبحر المحيط 4/463، 464.