فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (280)

قوله : { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } لما حَكَم سبحانه لأهل الربا برءوس أموالهم عند الواجدين للمال حكم في ذوي العسرة بالنظرة إلى يسار ، والعسرة : ضيق الحال من جهة عدم المال ، ومنه جيش العسرة . والنظرة : التأخير ، والميسرة مصدر بمعنى اليسر ، وارتفع { ذو } بكان التامة التي بمعنى وجد ، وهذا قول سيبويه ، وأبي عليّ الفارسي ، وغيرهما . وأنشد سيبويه :

فِدىً لبني ذُهْلِ بن شَيْبَان يا فتى *** إذا كان يومٌ ذو كواكب أَشْهَبُ

وفي مصحف أبيّ : «وإن كان ذا عسرة » على معنى : وإن كان المطلوب ذا عسرة . وقرأ الأعمش : «وإن كان معسراً » . قال أبو عمرو الداني ، عن أحمد بن موسى ، وكذلك في مصحف أبيّ بن كعب . وروى المعتمر ، عن حجاج الوراق ، قال في مصحف عثمان : { وَإِن كَانَ ذَا عُسْرَةٍ } قال النحاس ، ومكي ، والنقاش : وعلى هذا يختص لفظ الآية بأهل الربا ، وعلى من قرأ : «ذو » فهي عامة في جميع مَنْ عليه دين ، وإليه ذهب الجمهور . وقرأ الجماعة : { فَنَظِرَةٌ } بكسر الظاء . وقرأ مجاهد ، وأبو رجاء ، والحسن بسكونها ، وهي لغة تميم . وقرأ نافع ، وحده : { مَيْسَرَةٍ } بضم السين ، والجمهور بفتحها ، وهي اليسار . قوله : { وَأَن تَصَدَّقُوا } بحذف إحدى التاءين ، وقرئ بتشديد الصاد ، أي : وأن تصدقوا على معسري غرمائكم بالإبراء خير لكم ، وفيه الترغيب لهم بأن يتصدقوا برءوس أموالهم على من أعسر ، وجعل ذلك خيراً من إنظاره ، قاله السدي ، وابن زيد ، والضحاك .

قال الطبري : وقال آخرون : معنى الآية : وأن تصدقوا على الغنيّ ، والفقير خير لكم . والصحيح الأوّل ، وليس في الآية مدخل للغنيّ . قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } جوابه محذوف ، أي : إن كنتم تعلمون أنه خير لكم عملتم به .

/خ281