إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (280)

{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } أي إن وقع غريمٌ من غرمائكم ذو عسرةٍ ، على أن ( كان ) تامة ، وقرئ ذا عسرةٍ على أنها ناقصة { فَنَظِرَةٌ } أي فالحكمُ نظِرةٌ أو فعليكم نظرةٌ أو فلتكم نظرةٌ وهي الإنظارُ والإمهالُ وقرئ فناظِرُه أي مُنتظرُه أو فصاحبُ نَظِرَتِه على طريق النسْب ، وقرئ فناظِرْه أمراً من المفاعلة أي فسامِحْه بالنَّظِرة { إلى مَيْسَرَةٍ } أي إلى يَسار وقرئ بضم السين وهما لغتان كمشْرَقة ومشْرُقة وقرئ بهما مضافتين بحذف التاء عند الإضافة كما في قوله : [ البسيط ]

[ إن الخليط أجدوا البين فانجردوا ] *** وأخلفوك عِدَ الأمرِ الذي وعدوا{[109]}

{ وَأَن تَصَدَّقُواْ } بحذف أحد التاءين وقرئ بتشديد الصاد أي وأن تتصدقوا على مُعْسري غرمائِكم بالإبراء { خَيْرٌ لَكُمْ } أي أكثرُ ثواباً من الإنظار أو خيرٌ مما تأخذونه لمضاعفة ثوابه ودوامِه ، فهو ندبٌ إلى أن يتصدقوا برؤوس أموالهم كلاً أو بعضاً على غرمائهم المعسرين كقوله تعالى : { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى } وقيل : المرادُ بالتصدّق الإنظارُ لقوله عليه السلام : " لا يحِل دَيْنُ رجل مسلم فيؤخرُه إلا كان له بكل يوم صدقة " { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } جوابُه محذوفٌ أي إن كنتم تعلمون أنه خيرٌ لكم عمِلتموه .


[109]:وهو للفضل بن عباس في شرح التصريح 2/396 ولسان العرب 1/651 (غلب) 7/293 (خلط) والمقاصد النحوية 4/572 وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/241 وأوضح المسالك 4/407 ولسان العرب 3/462 (وعد) 7/293 (خلط) والشاهد فيه قوله: "عد الأمر" حيث حذف التاء التي يعوض بها عن فاء المصدر.