الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (280)

قوله : ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ )( {[8989]} ) [ 279 ] . أي إن وقع ذلك .

ولا خبر ل " كان " ، هي " كان " ( {[8990]} ) التامة تستغني باسمها عن( {[8991]} ) الخبر . فليست بالداخلة على( {[8992]} ) الابتداء والخبر ، تلك هي الناقصة التي تحتاج إلى خبر( {[8993]} ) .

وقد قيل : إن الخبر محذوف ، والتقدير : " وإن كان ذو عسرة في الدين فنظرة إلى ميسرة " ( {[8994]} ) .

وفي مصحف عبد الله : " وَإِنْ كَانَ ذَا " بالألف( {[8995]} ) على تقدير : وإن كان الذي عليه الدين ذا عسرة ، فهي " كان " الناقصة على هذا .

وقرأ مجاهد : " فَنَاظِرْهُ إِلَى مَيْسَرٍ هِي( {[8996]} ) " ، بضم السين ، وصلت الهاء بياء .

وهو لحن عند أهل العربية : ليس في الكلام مفعل بتغيير( {[8997]} ) هاء التأنيث( {[8998]} ) .

قال الأخفش : / " ولو قرأوا( {[8999]} ) بفتح السين لكان حسناً ، لأن " مفعلاً في الكلام كثير " ( {[9000]} ) .

وقوله( {[9001]} ) : ( فَنَظِرَةٌ ) [ 279 ] . هو من التأخير . ورفعها على معنى : " فعليكم نظرة " ( {[9002]} ) .

/وحكى أبو إسحاق : " فناظرة " ( {[9003]} ) من التأخير( {[9004]} ) .

وقيل : [ هو من أسماء المصادر( {[9005]} ) كقوله : ( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ )( {[9006]} )( {[9007]} ) . ورد أبو حاتم ذلك وقال : " إنما يجوز هذا في نظر العين ، مثل الذي في النمل قوله : ( فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ )( {[9008]} )( {[9009]} ) .

والمعنى : " إن كان الذين( {[9010]} ) لكم أن ترجعوا عليهم برؤوس أموالكم ذوي عسرة ، فعليكم أن تنظروهم إلى ميسرة " .

وفتح السين وضمها لغتان( {[9011]} ) . وأجاز النحاس النصب على المصدر( {[9012]} ) . وهذه الآية ناسخة لما كان في أول الإسلام . كان الرجل إذا اتبع في دين ولم يكن معه ما يقضيه بيع في( {[9013]} ) الدين( {[9014]} ) .

روي( {[9015]} ) عن النبي عليه السلام( {[9016]} ) " أنه أمر أعرابياً ببيع رجل له عليه دين ، ولا مال( {[9017]} ) معه " ( {[9018]} ) .

وقال قوم : " إنما هذا الإنظار( {[9019]} ) في الربا خاصة ، وليس لمن عليه دين لا يؤديه إلا السجن حتى يؤديه كانه معه أو لم يكن لقوله : ( اِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمُ أَن تُؤَدُّوا الاَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )( {[9020]} )( {[9021]} ) .

قال ابن عباس : " نزلت في الربا( {[9022]} ) " .

/وأكثر( {[9023]} ) الفقهاء على أن الآية عامة في كل من عليه دين ، ولا شيء معه ، ينظر إلى يسره إذا صح فَقْرُهُ وثبت( {[9024]} ) .

قوله : ( وَأَن تَصَّدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمُ ) [ 279 ] .

أي وصدقة رؤوس أموالكم على المعسر خير لكم إن كنتم تعلمون( {[9025]} ) الفضل .

وقال قتادة : " ندبوا أن يتصدَّقوا( {[9026]} ) برؤوس أموالهم على الغني والفقير " ( {[9027]} ) .

وقال غيره( {[9028]} ) : " ذلك على المعسر خاصة( {[9029]} ) " ( {[9030]} ) .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " آخر ما نزل من القرآن آية الربا ، وإن نبي الله قبض من( {[9031]} ) قبل أن يفسرها " ( {[9032]} ) .


[8989]:- قوله: "وروى المفضل...ذو عسرة" ساقط من ع2.
[8990]:- سقط من ق.
[8991]:- في ع2: على.
[8992]:- في ع1، ق: لا على.
[8993]:- انظر هذين التوجيهين في البيان: 1/181، والإملاء: 1/117.
[8994]:- المصدر السابق.
[8995]:- أورد مكي هذه القراءة في كتابه الكشف: 1/322، ولم يعزها إلى أحد.
[8996]:- في ق، ع3: ميسرة هي. وانظر هذه القراءة في: المحرر الوجيز: 2/355، وتفسير القرطبي: 3/374.
[8997]:- في ع1: يتغير. وفي ح: بياض. وفي ق: بغير.
[8998]:- انظر هذا التوجيه في: إعراب القرآن: 1/296، وعزاه ابن عطية في المحرر الوجيز: 2/355 إلى سيبويه.
[8999]:- في ق: قرئ.
[9000]:- انظر: معانيه: 1/188.
[9001]:- سقط حرف الواو من ع2، ع3.
[9002]:- انظر: هذا التوجيه في: الإملاء: 1/117.
[9003]:- في ح: فناظره.
[9004]:- انظر: إعراب القرآن: 1/295، وتفسير القرطبي: 3/374.
[9005]:- في ع2: هي من أسماء المصدر.
[9006]:- الواقعة آية 2.
[9007]:- انظر: إعراب القرآن 1/295، وعزاه ابن عطية في المحرر الوجيز: 2/355 إلى الزجاج.
[9008]:- النمل آية 31.
[9009]:- انظر: إعراب القرآن: 1/295.
[9010]:- في ع2، ح: الدين. وهو تصحيف.
[9011]:- قرأ نافع بضم السين، وفتحها الباقون. انظر: كتاب السبعة: ص: 192، والتبصرة: 166، والكشف: 1/319، والتيسير: 85، والحجة: 149، والنشر: 2/236، وتحبير التيسير: 94.
[9012]:- واعتبرها أفصح اللغات وهي لغة أهل نجد. انظر إعراب القرآن: 1/296.
[9013]:- سقط من ع3.
[9014]:- انظر هذا التوجيه في: الإيضاح لناسخ القرآن: 163، وتفسير القرطبي: 3/371.
[9015]:- في ع2، ق، ع3: وروي.
[9016]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[9017]:- سقط من ع3.
[9018]:- انظر: تفسير القرطبي: 3/371.
[9019]:- في ق: الأنصار. وهو تحريف.
[9020]:- النساء آية 57.
[9021]:- انظر: جامع البيان: 6/24، وتفسير القرطبي: 3/372.
[9022]:- انظر: جامع البيان: 6/30، والمحرر الوجيز: 2/356، وتفسير القرطبي: 3/372، والدر المنثور: 2/112.
[9023]:- في ع2: أكبر. وهو تصحيف.
[9024]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن: 164، والمحرر الوجيز: 2/356، وتفسير القرطبي: 3/372.
[9025]:- في ع1، ق: تعملون.
[9026]:- في ع3: تصدقوا. وهو تحريف.
[9027]:- انظر: جامع البيان: 6/35.
[9028]:- في ع2: غير. وهو خطأ.
[9029]:- سقط من ع2.
[9030]:- وهو قول السدي والربيع وغيرهما في جامع البيان: 6/36.
[9031]:- سقط من ع3.
[9032]:- انظر: جامع البيان: 6/37-38، والمحرر الوجيز: 2/357، وتفسير ابن كثير: 1/328.