قوله عز وجل : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } قرئت على وجهين :
أحدهما : بفتح القاف ، قرأه نافع وعاصم . وتأويلها اقررن في بيوتكن ؛ من القرار في المكان .
الثاني : بكسر القاف ؛ قرأها الباقون . وتأويلها كن أهل وقار وسكينة .
{ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } وفيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه التبختر ، قاله ابن أبي نجيح .
الثاني : كانت لهن مشية تكسرٍ وتغنّج ، فنهاهن عن ذلك ؛ قاله قتادة ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المَائِلاَتُ المُمِيلاَتُ : اللاَّتِي يَسْتَمِلْنَ قُلُوبَ الرِّجَالِ إلَيهِنَّ " .
الثالث : أنه كانت المرأة تمشي بين يدي الرجال ، فذلك هو التبرج ؛ قاله مجاهد .
الرابع : هو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده ليواري قلائدها وعنقها وقرطها ، ويبدو ذلك كله منها ؛ فذلك هو التبرج . قاله مقاتل بن حيان .
الخامس : أن تبدي من محاسنها ما أوجب الله تعالى عليها ستره ؛ حكاه النقاش . وأصله من برج العين وهو السعة فيها .
وفي { الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } أربعة أقاويل :
أحدها : ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام ؛ قاله الشعبي وابن أبي نجيح .
الثاني : زمان إبراهيم ؛ قاله مقاتل والكلبي ، وكانت المرأة في ذلك الزمان تلبس درعاً مفرجاً ليس عليها غيره وتمشي في الطريق ، وكان زمان نمرود .
الثالث : أنه ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة ، وكان نساؤهم أقبح ما تكون النساء ، ورجالهم حسان ، وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها ، فهو تبرج الجاهلية الأولى ؛ قاله الحسن .
الرابع : أنه ما بين نوح وإدريس . روى عكرمة عن ابن عباس أن الجاهلية الأولى كانت ألف سنة . وفيه قولان :
أحدهما : أنه كانت المرأة في زمانها تجمع زوجاً وخلما ، والخلم الصاحب ، فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخلمها نصفها الأعلى ، ولذلك يقول بعض الخلوم :
فهل لك في البدال أبا خبيب *** فأرضى بالأكارع والعجُوز{[2217]}
الثاني : وهو مبدأ الفاحشة ، وهو أن بطنين من بني آدم كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة ، وأن إبليس اتخذ لهم عيداً فاختلط أهل السهل بأهل الجبل فظهرت الفاحشة فيهم ، فهو تبرج الجاهلية .
قوله عز وجل : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } وفي الرجس ها هنا ستة أقاويل :
الثالث : الشيطان ، قاله ابن زيد .
وفي قوله تعالى { أَهْلَ الْبَيْتِ } - ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه عنى علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ؛ قاله أبو سعيد الخدري وأنس ابن مالك وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم .
الثاني : أنه عنى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ؛ قاله ابن عباس وعكرمة .
الثالث : أنها في الأهل والأزواج ؛ قاله الضحاك .
{ وَيُطَهّرَكُمْ تطْهِيراً } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : من الإثم ، قاله السدي .
الثاني : من السوء ؛ قاله قتادة .
الثالث : من الذنوب ، قاله الكلبي . ومعانيها متقاربة .
وفي تأويل هذه الآية لأصحاب الخواطر ثلاثة أوجه :
أحدها : يذهب عنكم رجس الأهواء والتبرج ويطهركم من دنس الدنيا والميل إليها .
الثاني : يذهب عنكم رجس الغل والحسد ، ويطهركم بالتوفيق والهداية .
الثالث : يذهب عنكم رجس البخل والطمع ويطهركم بالسخاء والإيثار . روى أبو ليلى الكندي عن أم سلمة أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيتها على منام له ، عليه كساء خيبري .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.