المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (110)

110- أنتم - يا أمة محمد - أفضل أمة خلقها الله لنفع الناس ، ما دمتم تأمرون بالطاعات وتنهون عن المعاصي ، وتؤمنون بالله إيماناً صحيحاً صادقاً ، ولو صدق أهل الكتاب في إيمانهم مثلكم لكان خيراً لهم مما هم عليه ، ولكن منهم المؤمنون وأكثرهم خارجون عن حدود الإيمان وواجباته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (110)

قوله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } . قال عكرمة ومقاتل : نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة ، رضي الله عنهم ، وذلك أن مالك بن الصيف ، ووهب بن يهود اليهوديين قالا لهم : نحن أفضل منكم ، وديننا خير مما تدعوننا إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما { كنتم خير أمة أخرجت للناس } هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وقال جويبر عن الضحاك : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة ، الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال { كنتم خير امة أخرجت للناس } تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة عن ابي حمزة قال : سمعت زهدم بن مضرب عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم . قال عمران : لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً ، ثم إن بعدكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن " .

وبهذا الإسناد عن علي بن الجعد أخبرنا شعبة وأبو معاوية عن الأعمش ، عن ذكوان عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .

وقال الآخرون : جميع المؤمنين من هذه الأمة وقوله { كنتم } أي أنتم ، كقوله تعالى( واذكروا إذ كنتم قليلاً ) وقال في موضع آخر ( واذكروا إذ أنتم قليل ) وقيل : معناه كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ ، وقال قوم : قوله ( للناس ) صلة قوله خير أمة ، أي انتم خير أمة للناس . قال أبو هريرة : معناه كنتم خير الناس للناس ، تجيئون بهم في السلاسل فتدخلونهم في الإسلام ، قال قتادة : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمر نبي بعده بالقتال ، فهم يقاتلون الكفار فيدخلونهم في دينهم فهم خيرأمة للناس ، وقيل : قوله " للناس " صلة قوله " أخرجت " معناه ما أخرج الله للناس أمة خيراً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو عبد الله الحسين ابن محمد الحافظ ، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن حبيش المقرىء ، أنا علي بن زنجويه ، أخبرنا سلمة بن شبيب ، أنا عبد الرزاق أنا معمر عن بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس } قال : إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أنا أبو معشر بن إبراهيم بن محمد الفيركي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن يحيى ، أخبرنا أبو الصلت ، أخبرنا حماد بن زيد ، أخبرنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا وإن هذه الأمة توفي سبعين أمة هي خيرها ، وأكرمها على الله عز وجل " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد ، أنا الفضل بن الفضيل ، أخبرنا خليفة الفضل بن الجباب ، قال عبد الرحمن ، يعني ابن المبارك : أخبرنا حماد بن يحيى الأشج ، أنا ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو محمد المخلدي ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي ، أخبرنا أحمد بن عيسى التنيسي ، أخبرنا عمرو بن أبي سلمة ، أخبرنا صدقة بن عبد الله ، عن زهير بن محمد ، عن عبد الله بن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم كلهم حتى تدخلها أمتي " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي قال : أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمد ، أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن عبد الله بن حاتم الترمذي أخبرنا جدي لأبي محمد بن عبد الله بن مرزوق أنا عفان بن مسلم أنا عبد العزيز ابن مسلم أخبرنا أبو سنان يعني ضرار بن مرة عن محارب بن دثار عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون من هذه الأمة " .

قوله تعالى : { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون } . أي : الكافرون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (110)

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ }

يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس ، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به ، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم ، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس ، لما كانت الآية السابقة وهي قوله : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } أمرا منه تعالى لهذه الأمة ، والأمر قد يمتثله المأمور ويقوم به ، وقد لا يقوم به ، أخبر في هذه الآية أن الأمة قد قامت بما أمرها الله بالقيام به ، وامتثلت أمر ربها واستحقت الفضل على سائر الأمم { ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم } وفي هذا من دعوته بلطف الخطاب ما يدعوهم إلى الإيمان ، ولكن لم يؤمن منهم إلا قليل ، وأكثرهم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله المعادون لأولياء الله بأنواع العداوة ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (110)

{ كنتم خير أمة } دل على خيريتهم فيما مضى ولم يدل على انقطاع طرأ كقوله تعالى { إن الله كان غفورا رحيما } وقيل كنتم في علم الله أو في اللوح المحفوظ ، أو فيما بين الأمم المتقدمين . { أخرجت للناس } أي أظهرت لهم . { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } استئناف بين به كونهم { خير أمة } ، أو خبر ثان لكنتم . { وتؤمنون بالله } يتضمن الإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به ، لأن الإيمان به إنما يحق ويعتد به إذا حصل الإيمان بكل ما أمر أن يؤمن به ، وإنما أخره وحقه أن يقدم لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيمانا بالله وتصديقا به وإظهارا لدينه ، واستدل بهذه الآية على إن الإجماع حجة لأنها تقتضي كونهم آمرين بكل معروف وناهين عن كل منكر ، إذ اللام فيهما للاستغراق فلو أجمعوا على باطل كان أمرهم على خلاف ذلك . { ولو آمن أهل الكتاب } إيمانا كما ينبغي { لكان خيرا لهم } لكان الإيمان خيرا لهم مما هم عليه . { منهم المؤمنون } كعبد الله بن سلام وأصحابه . { وأكثرهم الفاسقون } المتمردون في الكفر ، وهذه الجملة والتي بعدها واردتان على سبيل الاستطراد .