وقوله تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ . . . } [ آل عمران :110 ] .
اختلفَ في تأويل هذه الآية ، فقيل : نزلَتْ في الصحابة ، وقال الحسَنُ بْنُ أبي الحَسَن وجماعةٌ مِنْ أَهْل العلْمِ : الآيةُ خطَابٌ لجميع الأمة ، بأنهم خير أمة أخرجَتْ للنَّاس ، ويؤيِّد هذا التأويلَ كونُهم شهداءَ عَلَى النَّاس ، وأمَّا قوله : { كُنْتُمْ } على صيغة المُضِيِّ ، فإنها التي بمعنَى الدَّوامِ ، كما قال تعالى : { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء :96 ] ، وقال قوم : المعنى : كنتم فِي عِلْمِ اللَّه ، وهذه الخَيْريَّة التي خَصَّ اللَّه بها هذه الأمَّة ، إنما يأخذ بحَظِّه منها مَنْ عمل بهذه الشُّروط مِنَ الأمر بالمعروفِ ، والنَّهْيِ عن المنكر ، والإيمانِ باللَّه ، ممَّا جاء في فَضْل هذه الأمَّة ما خرَّجه مُسْلِمٌ في صحيحه ، عن أبي هريرة ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ القِيَامةِ ) وفي رواية : ( السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّة ) ، وفي رواية : ( نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، والأَوَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، المَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الخَلاَئِقِ ) ، وفي رواية : ( المَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ ) اه .
وخرَّج ابن مَاجَة ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( نَحْنُ آخرُ الأُمَمِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبَ ، يُقَالُ : أَيْنَ الأَمَّةُ الأَمِّيَّةُ ونبيها ؟ فَنَحْنُ الآخرُونَ الأَوَّلُونَ ) ، وفي روايةٍ عن ابن عَبَّاس : ( فتُفَرِّجُ لَنَا الأَمَمُ عَنْ طَرِيقَنَا ، فَنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ ، فَتَقُولُ الأُمَمُ : كَادَتْ هَذِهِ الأَمَّةُ أَنْ تَكُونَ أَنْبِيَاءَ كُلُّهَا ) ، وخَرَّجهُ أيضاً أبو داود الطَّيَالِسِيُّ في مسنده بمعناه . اه من «التذكرة » .
وروى أبو داود في " سننه " ، قال : حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيْبة ، عن أبيه ، عن أبي موسى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا ، الفِتَنُ ، وَالزَّلاَزِلُ ، وَالقَتْل ) اه ، وقد ذكرنا هذا الحديثَ أيضاً عن غَيْر أبي داود ، وهذا الحديثُ ليس هو على عمومه في جميعِ الأمَّة ، لثبوت نُفُوذِ الوعيدِ في طائفةٍ من العُصَاة ، اه .
وقوله : { تَأْمُرُونَ بالمعروف }[ آل عمران :110 ] ، وما بعده : أحوالٌ في موضعِ نصبٍ ، وفي الحديثِ : ( خَيْرُ النَّاسِ أتقَاهُمْ لِلَّهِ ، وَآمَرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ ) ، رواه البغويُّ في «منتخبه » ، اه من «الكوكب الدري » .
وقوله سبحانه : { مّنْهُمُ المؤمنون } تنبيهٌ على حال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ ، وأخيهِ ، وثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ ، وغيْرِهِمْ مِمَّنْ آمَنَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.