المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، ماعدا الآيات الثلاث الأخيرة منها فإنها مدنية . وعدد آياتها ثمان وعشرون ومائة ابتدأت السورة الكريمة بتأكيد وعيد الله تعالى للمشركين ، وبيان قدرته سبحانه وتعالى على تنفيذه ، بدليل خلقه السماوات والأرض ، ثم بيان نعمه على الناس كافة بخلقه الإبل ، وإنباته الزرع ، وما خلق في البحر من أسماك تؤكل ، وجواهر للزينة . ثم أشار إلى ما تستوجبه هذه النعم من شكره سبحانه ووجوب عبادته وحده واستقبال المشركين للدعوة إلى الوحدانية ، وافترائهم على القرآن الكريم ، وادعاء أنه من أساطير الأولين ، ثم أشار سبحانه إلى عذاب المشركين يوم القيامة ، ونعيم المؤمنين ، ثم ذكر سبحانه إنكار المشركين للبعث ولجاجتهم في الإنكار ، ويستنكر سبحانه جحودهم ببيان قدرته ، ويؤكد وعده للمتقين ووعيده لهم ، ثم يقرب البعث ببيان قدرته عليهم ، وخضوع الوجود كله له سبحانه ، وبيان أنه سبحانه هو الذي يكشف ويبين خرافات المشركين في اعتقادهم القدرة فيمن لا يملك نفعا ولا ضرا ، وسوء رأيهم في المرأة طفلة وامرأة . وأشار سبحانه إلى الرسل السابقين ، وساق سبحانه العبر في خلقه وتكوينه للأشياء وما فيها من نعم للإنسان . وتفاوت الأرزاق من أن يكون للغني فضل على الفقير ، ونعمه على الإنسان في خلقه ذكرا أو أنثى والإنسال بالزواج منهما . وأخذ يضرب سبحانه الأمثال لبيان قدرته ، ثم وجه الأنظار إلى عظم المخلوقات الدالة على عظمة الخالق وفائض نعمه ، ومقابلة المشركين لهذه النعم الجليلة . وبعد أن بين مطالب الإسلام في العدل وصلة الرحم بالوفاء بالعهد وإعجاز القرآن ، وكفر المشركين به وافترائهم عليه ، أشار سبحانه إلى حال المشركين يوم القيامة . وبين كيف كانوا يحلون ويحرمون من غير حجة ، وأشار إلى اليهود الذين يقاربون المشركين ، وبين أنه يجب ألا يعاقبوا إلا بالمثل وأن على المؤمنين أن يصبروا وأن يلتزموا التقوى والإحسان .

1- تأكدوا - أيها المشركون - أن ما توعَّدكم الله به يوم القيامة واقع قريب الوقوع لا شك فيه ، فلا تستهزئوا باستعجال وقوعه ، تنزه الله عن أن يكون له شريك يُعبد من دونه ، وعما تشركون به من آلهة لا تقدر على شيء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النحل وهي مكية

{ 1 - 2 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ }

يقول تعالى -مقربا لما وعد به محققا لوقوعه- { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } فإنه آت ، وما هو آت ، فإنه قريب ، { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } من نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفء وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون مما لا يليق بجلاله ، أو ينافي كماله ، ولما نزه نفسه عما وصفه به أعداؤه ذكر الوحي الذي ينزله على أنبيائه ، مما يجب اتباعه في ذكر ما ينسب لله ، من صفات الكمال فقال : { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النحل

وهي مكية .

يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها معبرًا بصيغة الماضي الدال على التحقق{[16306]} والوقوع لا محالة [ كما قال تعالى ]{[16307]} :{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] ، وقال : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } [ القمر : 1 ] .

وقوله : { فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ } أي : قرب ما تباعد فلا تستعجلوه .

يحتمل أن يعود الضمير على الله ، ويحتمل أن يعود على العذاب ، وكلاهما متلازم ، كما قال تعالى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } [ العنكبوت : 53 ، 54 ] .

وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب ، فقال في قوله : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } أي : فرائضه وحدوده .

وقد رده ابن جرير فقال : لا نعلم أحدًا استعجل الفرائض{[16308]} والشرائع قبل وجودها{[16309]} بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه ، استبعادًا وتكذيبًا .

قلت : كما قال تعالى : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } [ الشورى : 18 ] .

وقال ابن أبي حاتم : ذُكر عن يحيى بن آدم ، عن أبي بكر بن عياش ، عن محمد بن عبد الله - مولى المغيرة بن شعبة - عن كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن حُجيرة ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع في السماء ، ثم ينادي مناد فيها : يا أيها الناس . فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم ؟ فمنهم من يقول : نعم . ومنهم من يشك . ثم ينادي{[16310]} الثانية : يا أيها الناس . فيقول الناس بعضهم لبعض : هل سمعتم ؟ فيقولون : نعم . ثم ينادي الثالثة : يا أيها الناس ، أتى أمر الله فلا تستعجلوه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فوالذي نفسي بيده ، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا ، وإن الرجل ليمدن حوضه فما يسقي فيه{[16311]} شيئًا أبدًا ، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدًا - قال - ويشتغل{[16312]} الناس " {[16313]} .

ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره ، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد ، تعالى وتقدس علوًا كبيرًا ، وهؤلاء هم المكذبون بالساعة ، فقال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }


[16306]:في أ: "التحقيق".
[16307]:زيادة من ت، ف، أ.
[16308]:في ف، أ: "بالفرائض".
[16309]:في أ: "وجودهما".
[16310]:في ت، أ: "ينادي مناد".
[16311]:في ف: "منه".
[16312]:في ت: "ويستعمل".
[16313]:ورواه الحاكم في المستدرك (4/539): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا يحيى بن آدم به، وقال: "صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه". ورواه الطبراني في المعجم الكبير (17/325): حدثنا الحسين التستري، حدثنا أبو كريب، حدثنا يحيى بن آدم به، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (4/382): "رواه الطبراني بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون".