الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النحل

سورة النحل مكية

{[1]}قال ابن عباس : هي مكية إلا ثلاث {[2]} آيات نزلت {[3]} بين مكة والمدينة {[4]} ، حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد ، وقد قتل حمزة ، وقد مثل {[5]} به ، فقال النبي [ صلى الله عليه وسلم {[6]} ] " لأمثلن بثلاثين منهم " . وقال المسلمون : " لنمثلن بهم " . فأنزل الله { وإن عاقبتم {[7]} فعاقبوا بمثل ما عوقبتم {[8]} [ به {[9]} ] } [ 126 ] إلى آخر السورة {[10]} .

[ ويقال لسورة النحل سورة النعم لكثرة ما نبه الله فيها على نعمه ، وعدد فيها من منته على خلقه {[11]} ] {[12]} .

قوله [ تعالى ] { أتى أمر الله فلا تستعجلوه } [ 1 ] إلى قوله { خصيم مبين } [ 4 ] .

ومعنى{[38463]} أتى أمر الله : يأتي{[38464]} . ولا يحسن عند سيبويه في أخبار الناس وما يجري بينهم : فعل بمعنى يفعل إلا في الشرط{[38465]} .

وقيل : إنما أتى بالماضي لأنه أمر سيكون لا بد منه ، فأتى فيه بالماضي الذي قد كان في موضع ما سيكون{[38466]} .

وقيل : إنما جاء كذلك لأنهم استبعدوا ما وعدهم الله من عذاب{[38467]} ، فأتى بالماضي في موضع المستقبل لقربه من الإتيان ، ولصدق المخبر به{[38468]} .

وقد قال الضحاك : { أمر الله } : فرائضه وحدوده وأحكامه{[38469]} .

وقيل : هو وعيد من الله لأهل الشرك على ما تقدم{[38470]} .

قال ابن جريج : لما نزلت { أتى أمر الله } الآية ، قال رجال{[38471]} من المنافقين بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن أمر الله قد أتى فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن . فلما رأوا أنه لا ينزل شيئا ، قالوا : ما نراه{[38472]} ينزل شيئا{[38473]} ، فنزلت [ الآية{[38474]} ] : { اقترب للناس حسابهم }{[38475]} الآية . فقالوا : إن هذا يزعم مثلها أيضا . فلما رأوا ألا ينزل شيئا ، قالوا : ما نراه ينزل شيئا{[38476]} فنزلت { [ و{[38477]} ] لئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة [ ليقولن ما يحسبه{[38478]} ] } الآية{[38479]} . وروي عن الضحاك { أتى أمر الله } يعني القرآن : أي أتى بفرائضه وحدوده وأحكامه{[38480]} ، وهو القول الأول عنه .

وقيل : أمر الله نصر النبي عليه السلام{[38481]} . وقيل هو يوم القيامة{[38482]} .

وقال الزجاج : { أمر الله } ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم بمنزلة قوله : { حتى [ إذا{[38483]} ] جاء أمرنا وفار التنور }{[38484]} وقوله : { أتاها أمرنا ليلا أو نهارا }{[38485]} . ومعناه : استبطأوا العذاب فأخبرهم الله بقربه{[38486]} .

ويدل على أنه وعيد وتهدد للمشركين قوله بعد : { سبحانه وتعالى عما يشركون } [ 1 ] .

وأمر الله قديم غير محدث وغير مخلوق ، بدلالة قوله : { ألا له الخلق والأمر }{[38487]} فالأمر غير الخلق . وبدلالة قوله : { لله الأمر من قبل ومن بعد }{[38488]} أي : من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء ، فهو/غير محدث . وأمره صفة له هو كلامه غير مخلوق .

وقيل معنى : { أتى أمر الله } أي أتت أشراط الساعة ، وما يدل على قرب القيامة{[38489]} . وقيل : هو قيام الساعة{[38490]} . وقيل : هو جواب لقولهم بمكة : { [ فأمطر ]{[38491]} علينا حجارة من السماء{[38492]} } الآية .

ثم قال [ تعالى{[38493]} ] : { سبحانه وتعالى عما يشركون{[38494]} } [ 1 ] .

من قرأ : { يشركون{[38495]} } بالتاء{[38496]} جعل الاستعجال للمشركين . ومن قرأ بالياء{[38497]} جعل الاستعجال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[3]:أ: إذ.
[4]:أ: الاولى والثانية والثالثة.
[5]:ساقط من أ.
[6]:م: هذه الأشياء وسخرها.
[7]:م، ث: فكيف.
[8]:ساقط من أ.
[9]:أ: قال.
[10]:ساقط من أ.
[11]:في تنوير المقياس 509: "بقوتها وشدتها تقوم بحملها ولا يقوم غيرها".
[12]:أ: قال.
[38463]:ق: "ومعناه".
[38464]:انظر: هذا المعنى في غريب القرآن 241، ومشكل القرآن 295، وإعراب النحاس 2/391، والمشكل 2/12، والجامع 10/44.
[38465]:انظر قوله في: الكتاب 1/416، وإعراب النحاس 2/391.
[38466]:انظر: المشكل 2/12 والتبيان 2/788 وتفسير ابن كثير 2/869.
[38467]:ط: العذاب.
[38468]:انظر: المشكل 2/12 والكشاف 3/400.
[38469]:انظر: قول الضحاك في: جامع البيان 14/75 والمحرر 10/157 وضعفه.
[38470]:انظر: معاني الزجاج 3/189.
[38471]:ط: رجل.
[38472]:ط: ما نرى.
[38473]:ق: شيء.
[38474]:ساقط من ط.
[38475]:الأنبياء: 1.
[38476]:ط: شيء.
[38477]:ساقط من ق.
[38478]:انظر: المصدر السابق. 14هود: 8. وانظر: قول ابن جريج في جامع البيان 14/75 والكشاف 2/400 والمحرر 10/158. 15 في الجامع 10/44: "قال الحسن وابن جريج والضحاك أنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه. "قال" وفيه بعد.
[38479]:16 روي هذا عن ابن عباس: انظر: المحرر 10/157.
[38480]:17 انظر: غريب القرآن 241 ومشكل القرآن 514، والمحرر 10/157 وفيه أنه قول جمهور المفسرين.
[38481]:?????
[38482]:?????
[38483]:ساقط من ق .
[38484]:هود: 40.
[38485]:يونس: 24.
[38486]:معاني الزجاج 3/189.
[38487]:الأعراف: 54.
[38488]:الروم: 3.
[38489]:وهو قول ابن عباس، انظر: جامع البيان 14/44.
[38490]:سبق هذا القول في ص3. الهامش 12.
[38491]:ق: "فأمر".
[38492]:الأنفال: 32.
[38493]:ساقط من ط.
[38494]:ط: عما يشركون يشركون.
[38495]:ط: يشركون.
[38496]:وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف، انظر: معاني الفراء 2/94، وجامع البيان 14/76 والسبعة 324 والحجة 384، والكشف 1/515، والتيسير 121 والنشر 2/282، والتحبير 122 والتحرير 14/98.
[38497]:وهي قراءة الجمهور، انظر نفس المراجع والصفحات السابقة.