تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةٞ تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (13)

وقوله سبحانه : { قد كان لكم آية في فئتين } ، وذلك أن بني قينقاع من اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد قتال بدر يوعدونه القتال كما قتل كفار مكة يوم بدر ، فأنزل الله عز وجل : { قد كان لكم آية } معشر اليهود ، يعني عبرة { في فئتين } { التقتا } فئة المشركين وفئة المؤمنين يوم بدر ، التقتا { فئة تقاتل في سبيل الله } وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر ، { وأخرى كافرة } ، أبو جهل والمشركين ، { يرونهم مثليهم } ، رأت اليهود أن الكفار مثل المؤمنين في الكثرة ، { رأي العين } ، وكان الكفار يومئذ سبعمائة رجل ، عليهم أبو جهل ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، بين كل أربعة بعير ، ومعهم فرسان ، أحدهما مع أبي مرثد الغنوى ، والآخر مع المقداد بن الأسود الكندي ، ومعهم ستة أدراع ، والمشركون ألف رجل ، سبعمائة دراع ، عليهم أبو جهل ، وثلاثمائة حاسر ، ثم حبس الأخنس بن شريق ثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال النبي صلى الله عليه وسلم ، فبقى المشركون في سبعمائة رجل .

يقول الله تعالى : { والله يؤيد بنصره } ، يعني بنصره { من يشاء } ، فينصره الله عز وجل القليل على الكثير ، { إن في ذلك } ، يعني يقوى في نصرهم ، نصر المؤمنين وهم قليل ، وهزيمة الكفار وهم كثير ، { لعبرة لأولي الأبصار } يعني الناظرين في أمر الله عز وجل وطاعته لعبرة وتفكرا لأولي الأبصار ، حين أظهر الله عز وجل القليل على الكثير .