صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةٞ تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (13)

{ في فئتين }جماعتين التقتا في القتال يوم بدر ، جماعة المسلمين وجماعة المشركين . وأصل الفئة :

من الفيء ، وهو الرجوع . وسميت الجماعة فئة لأنه يرجع إليها في وقت الشدة ، وجمعها فئات وفئون .

{ يرونهم مثليهم . . }يرى الكفار المسلمين مثليهم ، أي مثلي الكفار في العدد ، وذلك عند الالتحاق في ساحة القتال ، لتضعف قلوبهم وينهزموا ، فيتمكن منهم المسلمون قتلا وأسرا . وأما تقليلهم في أعين الكفار في قوله تعالى : { ويقللكم في أعينهم } فهو قبل ذلك ، ليطمعوا في المسلمين ولا يجبنوا عن قتالهم . { والله يؤيد بنصره }يقوى بنصره ولو بدون الأسباب العادية . يقال : أيدته تأييدا فهومِؤيد ، أي قويته تقوية وأعنته ، ومنه : " ذا الأيد " أي القوة .

{ إن في ذلك لعبرة }لعظة من العبور ، وهو التجاوز من حال إلى حال ، ومنه : عبر الوادي

يعبره عبرا وعبورا ، قطعه من عبره إلى عبره ، أي من شاطئه إلى شاطئه . وسمى الاتعاظ عبرة لأن المتعظ يعبر به من الجهل إلى العلم ، ومن الهلاك إلى النجاة .