فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةٞ تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (13)

{ لأولي الأبصار } لأصحاب الفهم .

{ قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } عن قتادة والربيع ما حاصله قد كان لكم علامة وعبرة ومتفكر في فرقتين التقتا للحرب وإحدى الفئتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان معه ممن شهد وقعة بدر والأخرى مشركو قريش { يرونهم مثليهم رأي العين } قال كان ذلك يوم بدر وكان المشركون تسعمائة وخمسين وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة عشر رجلا فإن قال لنا قائل فكيف قيل { يرونهم مثليهم رأي العين } وقد علمتم أن المشركين كانوا يومئذ ثلاثة أمثال المسلمين قلنا لهم كما يقول القائل -وعنده عبد- احتاج إلى مثله أنا محتاج إليه وإلى مثله ثم يقول أحتاج إلى مثليه فيكون ذلك خبرا عن حاجته إلى مثله وإلى مثلي ذلك المثل . . صار المثل اثنين والاثنان ثلاثة{[867]} . وقال عبد الله بن مسعود قد نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ثم نظرنا إليهم رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا وذلك قول الله عز وجل { وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينكم . . . }{[868]} يقول أبو جعفر : فمعنى الآية على هذا التأويل : قد كان لكم يا معشر اليهود آية في فئتين التقتا إحداهما مسلمة والأخرى كافرة كثير عدد الكافرة قليل عدد المسلمة ترى الفئة القليل عددها الكثير عددها أمثالا لها أنها تكثرها من العدد بمثل واحد . . فهذا أحد معنيي التقليل الذي أخبر الله عز وجل المؤمنين أنه قللهم في أعينهم والمعنى الآخر منه التقليل الثاني على ما قاله ابن مسعود وهو أن أراهم عدد المشركين مثل عددهم لا يزيدون عليهم فذلك التقليل الثاني . . . { والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } والله يشدد ويقوي ويحصن ويحذر بعونه وتأييده وغلبه على عدوه من يشاء ويريد من عباده ، إن في ذلك لمعتبرا ومتفكرا لأصحاب البصائر والعقول ومتعظا لمن يدرك الحق .


[867]:ما بين العارضتين مما أورد الطبري.
[868]:من سورة الأنفال من الآية 44.