غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡۖ فَمَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَقۡرَءُونَ كِتَٰبَهُمۡ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلٗا} (71)

61

ولما ذكر أنواع كرامات الإنسان في الدنيا شرح أحوال درجاته في الآخرة فقال :

{ يوم ندعو } وهو منصوب بإضمار " اذكر " أو بقوله : { فضلناهم } على عادة الله في الإخبار أي ونفضلهم في هذا اليوم بما نعطيهم من الكرامة والثواب ، وعلى هذا يكون التكريم في الدنيا والتفضيل في الآخرة ولا وقف على { تفضيلاً } والإمام في اللغة كل ما يؤتم به من نبي أو مقدّم في الدين أو كتاب أو دين . والباء في قوله : { بإمامهم } للإلصاق كما تقول أدعوك باسمك . عن أبي هريرة مرفوعاً أنه ينادى يوم القيامة يا أمة إبراهيم يا أمة موسى يا أمة عيسى يا أمة محمد ، فيقوم أهل الحق الذين اتبعوا الأنبياء فيأخذون كتبهم بأيمانهم ، ثم ينادى يا أتباع فرعون وفلان وفلان من رؤساء الضلال وأكابر الكفر . ويجوز أن يتعلق الباء بمحذوف وهو الحال والتقدير : تدعو كل أناس متلبسين بإمامهم أي يدعون وإمامهم في نحو " ركب بجنوده " . وروى الضحاك وابن زيد أنه ينادى في القيامة يا أهل القرآن يا أهل التوراة يا أهل الإنجيل . وقال الحسن : يدعون بكتابهم الذي فيه أعمالهم فيقال : يا أصحاب كتاب الخير يا أصحاب كتاب الشر . وهو قول الربيع وأبي العالية أيضاً . قال صاحب الكشاف : ومن بدع التفاسير أن الإمام جمع " أن " وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم . والحكمة في ذلك في رعاية حق عيسى وإظهار شرف الحسن والحسين عليهما السلام وأن لا يفتضح أولاد الزنا . ثم قال : وليت شعري أيهما أبدع أصحة لفظه أم بيان حكمته ؟ وقال في التفسير الكبير : كل خلق يظهر من الإنسان حسن كالعفة والشجاعة والعلم ، أو قبيح كأضدادها فالداعي إلى تلك الأفعال خلق باطن كالإمام له وكالمنبع والمنشأ ، ويوم القيامة إنما يظهر الثواب والعقاب بناء على الأفعال الناشئة من تلك الأخلاق { فمن أوتى } هو في معنى الجمع ولذلك قيل في جزائه { فأولئك يقرءون } وخص أصحاب اليمين بقراءة كتابهم لأن قراءة أصحاب الشمال كلا قراءة لما يعرض لهم فيه من الحياء والخجل والتتعتع .

/خ72