الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (19)

وقوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام . . . } [ آل عمران :19 ] .

( الدِّينُ ) في هذه الآية : الطاعةُ والمِلَّة ، والمعنى : أنَّ الدين المَقْبُول أو النافع هو الإِسلام ، و( الإِسلام ) في هذه الآية هو الإِيمانُ والطَّاعات ، قاله أبو العالية ، وعليه جمهور المتكلِّمين ، وحديثُ :

" بُنِيَ الإِسْلاَمُ على خَمْسٍ " ، وحديثُ مَجِيءِ جِبْريلَ يعلِّم النَّاسَ دينَهُمْ ، يفسِّر ذلك ، ثم أخبر تعالى عن اختلاف أهْلِ الكتابِ بَعْد علمهم بالحقائقِ ، وأنه كان بَغْياً وطلباً للدنيا ، قاله ابن عُمَر ، وغيره ، و{ الذين أُوتُواْ الكتاب } : لفظٌ يعُمُّ اليهودَ والنصارى ، لكنَّ الرَّبِيعَ بنَ أنسٍ قال : المرادُ بهذه الآية اليهودُ ، اختلفوا بعد مَوْتِ موسى ، وبعد مُضِيِّ ثلاثة قرون ، وقيل : الآيةُ توبيخٌ لنصارى نَجْرَانَ ، وسُرْعَةُ الحسَاب : يحتمل أنْ يراد بها : مَجِيءُ القيامةِ والحِسَابِ ، إذ كل آت قريبٌ ، ويحتمل أنْ يراد بسُرْعَةِ الحِسَابِ : أنَّ اللَّه تعالى بإِحاطته بكلِّ شَيْءٍ عِلْماً لا يحتاجُ إلى عَدٍّ ، ولا فكْرة ، قاله مجاهد .