السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (19)

وقوله تعالى :

{ إن الدين } أي : المرضي { عند الله } هو { الإسلام } جملة مستأنفة مؤكدة للأولى أي : لا دين مرضي عند الله سوى الإسلام وهو الشرع المبعوث به الرسل كما قال تعالى : { ورضيت لكم الإسلام ديناً } ( المائدة ، 3 ) وقال تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } ( آل عمران ، 85 ) وقرأ الكسائي بفتح الهمزة إن قيل على أنه بدل من أنه الخ . . بدل اشتمال وضعفه أبو حيان ؛ لأن فيه فصلاً بين البدل والمبدل منه بأجنبي قال : والصواب أنه معمول للحكيم بإسقاط الجار أي : الحكيم بأن الدين ، والباقون بكسرها على الاستئناف { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب } أي : من اليهود والنصارى وقيل : من أرباب الكتب المتقدّمة في دين الإسلام فقال قوم : إنه حق . وقال قوم : إنه مخصوص بالعرب ونفاه آخرون مطلقاً أو في التوحيد فثلثت النصارى . وقالت اليهود : عزير ابن الله وقالوا : كنا أحق بأن تكون النبوّة فينا من قريش ؛ لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب { إلا من بعد ما جاءهم العلم } بالتوحيد أنه الحق الذي لا محيد عنه { بغياً } أي : ما كان الاختلاف وتظاهر هؤلاء بمذهب وهؤلاء بمذهب إلا حسداً { بينهم } وطلباً للرياسة . وقيل : هو اختلاف في نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما جاءهم العلم ببيان بعثته في كتبهم حيث آمن به بعض وكفر به بعض وقيل : هو اختلافهم في الإيمان بالأنبياء فمنهم من آمن بموسى ومنهم من آمن بعيسى ولم يؤمن ببقية الأنبياء وقوله تعالى : { ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب } أي : المجازاة له وعيد لمن كفر منهم .