الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا تَتَّخِذُونَ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرۡبَىٰ مِنۡ أُمَّةٍۚ إِنَّمَا يَبۡلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِۦۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (92)

قوله : { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها } [ 92 ] إلى قوله : { تعلمون } {[39749]} [ 93 ] .

والمعنى : أن الله [ عز وجل {[39750]} ] نهى عباده عن نقض الأيمان بعد توكيدها فيكونون {[39751]} كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أي من بعد إحكامه وإبرامه .

روي أن امرأة حمقاء كانت تفعل ذلك بمكة فكانت إذا أبرمت غزلها نقضته {[39752]} . وقيل : هي امرأة يقال لها ريطة {[39753]} بنت سعد {[39754]} كانت تغزل بمغزل كبير فإذا أبرمته وأحكمته أمرت جاريتها فنقضته {[39755]} . وقيل : هي امرأة اسمها حيطة {[39756]} كانت بمكة وكان بها وسوسة ، وكانت تغزل عند الحجر يومها ثم تغدو فتنقضه ، أي : تغزله جوانيا {[39757]} [ ثم تنقضه برانيا ] {[39758]} .

وقيل : [ هو {[39759]} ] مثل ، ولم يرد امرأة بعينها . والمعنى : لا تفعلوا هذا الفعل فتكونوا كامرأة نقضت غزلها بعد أن أحكمته . فلو بلغكم أن امرأة فعلت هذا لقلتم [ ما {[39760]} ] في الأرض أحمق من هذه . [ هذا {[39761]} ] معنى قول قتادة {[39762]} .

وقال قتادة : هو مثل ضربه الله [ عز وجل {[39763]} ] لمن نقض العهد {[39764]} .

و {[39765]} معنى : { دخلا {[39766]} بينكم } [ 92 ] خديعة وغرورا . أي : لا تجعلوا أيمانكم خديعة وغرورا بينكم ليطمئن إليكم وأنتم مصرون على الغدر {[39767]} ، وترك الوفاء فتنقضونها ولا توفون بها {[39768]} .

وقال الزجاج {[39769]} : { دخلا } أي : غشا و[ غلا {[39770]} ] . وهو منصوب لأنه مفعول له {[39771]} .

أي : تتخذون الأيمان للدخل {[39772]} ، أي للغش والخديعة .

والدخل في اللغة [ كل {[39773]} ] عيب . يقال : هو مدخول أي معيب {[39774]} ، وفيه {[39775]} دخل [ أي {[39776]} ] عيب {[39777]} .

ثم قال : { أن تكون أمة هي أربى من أمة } [ 92 ] .

أي : تفعلون الغدر {[39778]} في أيمانكم لأجل كون أمة أكثر من أمة فتنقضون عهد الأ[ ول {[39779]} ] لقلتهم وتحالفون الأكثر لكثرتهم {[39780]} .

ثم قال تعالى : { إنما يبلوكم الله به } .

أي : إنما يختبركم [ الله {[39781]} ] بأمره إياكم بالوفاء والعهد {[39782]} بالأيمان {[39783]} ليتبين منكم المطيع المنتهي إلى أمر الله [ عز وجل {[39784]} ] من العاصي {[39785]} المخالف أمره ونهيه {[39786]} .

ثم قال : { وليبين لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون } [ 92 ] .

أي : وليبين الله لكم يوم القيامة مجازاة كل فريق منكم على عمله في الدنيا {[39787]} .

واختلافهم هنا هو كون هؤلاء مؤمنين وهؤلاء كافرين . فهذا الذي اختلفوا فيه ، فيوم القيامة يتبين لهم المصيب من المخطئ . فهو وعيد [ لهم {[39788]} ] من الله [ عز وجل {[39789]} ] .


[39749]:ط: "إن كنتم تعلمون".
[39750]:ساقط من ق.
[39751]:ط: فتكونون.
[39752]:وهو قول السدي عبد الله بن كثير، انظر: جامع البيان 14/166. والجامع 10/166. ولباب النقول 134.
[39753]:ط: ريضة.
[39754]:ط: سعيد. وهي ريطة بنت سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانت تعرف بالجغرافية فضربت العرب بها المثل في الحمق ونقض ما أحكم من العقود وأبرم من العهود. انظر: التعريف ص 95.
[39755]:انظر: هذا القول في معاني الفراء 2/112، والتعريف 95، والجامع 10/112.
[39756]:ط: حضية.
[39757]:والجون النهار انظر: اللسان (جون)، والتاج (جون).
[39758]:ساقط من ق.
[39759]:انظر: المصدر السابق.
[39760]:ساقط من ق.
[39761]:انظر: المصدر السابق.
[39762]:انظر: قوله في جامع البيان 14/166، والجامع 10/112 والدر 5/161.
[39763]:ساقط من ق.
[39764]:وهو قول ابن زيد أيضا، انظر: مشكل القرآن 386 وجامع البيان 14/166.
[39765]:انظر: المصدر السابق.
[39766]:ق: دخلت
[39767]:ق: الغرر.
[39768]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/166.
[39769]:ط: الزجاجي.
[39770]:ق: "دخلا" والكلمة ساقطة من ط.
[39771]:انظر: قول الزجاج في معاني الزجاج 3/217، والمشكل 2/20.
[39772]:ق: للدخول.
[39773]:انظر: المصدر السابق.
[39774]:ق: يعيب.
[39775]:ق: ففيه.
[39776]:ساقط من ق.
[39777]:انظر: معاني الزجاج 3/217 واللسان (دخل).
[39778]:ق: الغرر.
[39779]:ساقط من ق.
[39780]:انظر: هذا التفسير في معاني الفراء 2/113، والجامع 10/113.
[39781]:ساقط من ط.
[39782]:ط: "بالعهد".
[39783]:ط: والإيمان.
[39784]:ساقط من ق.
[39785]:ق: المعاصي.
[39786]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/168.
[39787]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/168.
[39788]:ساقط من ق.
[39789]:انظر: المصدر السابق.