مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا} (110)

{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرحمن } لما سمعه أبو جهل يقول يا الله يا رحمن قال : إنه نهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر فنزلت . وقيل : إن أهل الكتاب قالوا : إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم فنزلت . والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء ، وأو للتخيير أي سموا بهذا الاسم ، أو بهذا أو اذكروا إما هذا وإما هذا ، والتنوين في { أَيَّا مَّا تَدْعُوا } عوض من المضاف إليه و«ما » زيدت للتوكيد و«أياً » نصب ب { تدعوا } وهو مجزوم بأي أي أي هذين الاسمين ذكرتم وسميتم { فَلَهُ الأسْمَآءُ الحسنى } والضمير في { فله } يرجع إلى ذات الله تعالى ، والفاء لأنه جواب الشرط أي أيَّاماً تدعوا فهو حسن فوضع موضعه قوله : { فله الأسماء الحسنى } لأنه إذا حسنت أسماؤه حسن هذان الاسمان لأنهما منها ، ومعنى كونها أحسن الأسماء إنها مستقلة بمعاني التمجيد والتقديس والتعظيم { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } بقراءة صلاتك على حذف المضاف لأنه لا يلبس ، إذ الجهر والمخافتة تعتقبان على الصوت لا غير ، والصلاة أفعال وأذكار وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بقراءته فإذا سمعها المشركون لغوا وسبوا فأمر بأن يخفض من صوته ، والمعنى ولا تجهر حتى تسمع المشركين { وَلا تُخَافِتْ بِهَا } حتى لا تسمع من خلفك { وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ } بين الجهر والمخافتة { سَبِيلاً } وسطاً ، أو معناه ولا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها وابتغ بين ذلك سبيلاً بأن تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار أو بصلاتك بدعائك