ادعوا الله أو ادعوا الرحمان : أي : سموه بهذين الاسمين .
أياما تدعو فله الأسماء الحسنى : ما زائدة ، والمعنى : ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أي : هذين الاسمين تدعون فله أحسن الأسماء والحسنى مؤنث الأحسن .
ولا تخافت بها : خفت الرجل بقراءته : إذا لم يبينها برفع الصوت ، وتخافت القوم : تسأروا فيما بينهم .
110- { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } .
قل لهؤلاء المشركين : سموا الله باسم الله ، أو اسم الرحمان ، فأي اسم تسمونه فهو حسن ، وهو تعالى له الأسماء الحسنى ولا شبهة لكم من أن تعدد الأسماء يستوجب تعدد المسمى ، وإذا قرأت القرآن في صلاتك ، فلا ترفع صوتك به ؛ لئلا يسمع المشركون فيسبونك ويؤذونك ، ولا تسر به فلا يسمع المؤمنون ، وكن وسطا في قراءتك .
قال الطبري والنيسابوري والنسفي : عن ابن عباس : أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا الله يا رحمان ، فقال : إن محمدا ينهانا أن نعبد إلهين ، وهو يدعو إلها آخر . وقيل : إن أهل الكتاب قالوا : إنك لتقل ذكر الرحمان ، وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم ؛ فنزلت{[526]} .
{ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان } . رد لما أنكره المشركون من تسمية الرحمان ، وإذن بتسميته بذلك ، أي : سموه بهذا الاسم أو بهذا و( أو ) للتخيير . { أيّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى } أي : أيُّ هذين الاسمين سميتم وذكرتم فهو حسن . وقد وضع موضعه قوله : { فله الأسماء الحسنى } ؛ للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه ، إذ حسن جميع أسماءه يستدعي حسن دينك الاسمين ، فأقيم فيه دليل الجواب مقامه وهو أبلغ . ومعنى كونها أحسن الأسماء : أنها مستقلة بمعاني الحمد والتقديس والتعظيم{[527]} وهذه الآية كقوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } . ( الأعراف : 180 ) .
وقد روى الطبري بإسناده : عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله تسعا وتسعون اسما كلهن في القرآن من أحصاهن ؛ دخل الجنة ) . ومعناه : من عرف معانيها وآمن بها وقيل : معناه : من أحصاها بحسن الرعاية لها وتخلق بما يمكنه من العمل بمعانيها{[528]} وقد وردت أسماء الله الحسنى كاملة في الحديث الذي رواه الترمذي في الجامع الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ووردت في تفسير الجلالين ، ثم شرحت معاني هذه الأسماء شرحا مستفيضا في حاشية الجمل على الجلالين{[529]} .
{ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } .
أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوسط في صلاته بين الجهر والخفوت ؛ لما كانوا يقابلون به صلاته من استهزاء وإيذاء ، أو من نفور وابتعاد ، ولعل الأمر كذلك ؛ لأن التوسط بين الجهر والخفاء أليق بالوقوف في حضرة الله تعالى .
وروي : أن الرسول صلى الله عليه وسله طاف بالليل على دور الصحابة ، فكان أبو بكر يخفي صوته ، وكان عمر يرفع صوته ، وفي الصباح سأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر عن قراءته فقال يا رسول الله ، أناجي ربي وقد علم حاجتي ، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمر فقال : أزجر الشيطان وأوقظ الوسنان ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع صوته قليلا ، وأمر عمر أن يخفض صوته قليلا ؛ فنزلت الآية على حسب ذلك ، وقيل معناه : لا تجهر بصلاتك كلها ، ولا تخافت بها كلها وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار ، وعن عائشة وأبي هريرة ومجاهد : أن الصلاة هنا : الدعاء . وقد يروى هذا مرفوعا قال الحسن : لا يرائي بعلانيتها ولا يسيء بسريرتها{[530]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.