لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا} (110)

قوله عز وجل : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } قال ابن عباس : سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فجعل يقول في سجوده : يا الله يا رحمن فقال أبو جهل : إن محمداً ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين فأنزل الله هذه الآية ومعناه أنهما اسمان لله تعالى فسموه بهذا الاسم أو بهذا الاسم { أيّاً ما تدعوا } ما صلة ومعناه أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم ، أو من جميع أسمائه { فله الأسماء الحسنى } يعني إذا حسنت أسماؤه كلها فهذان الاسمان منها ومعنى كونها حسنى أنها مشتملة على معاني التقديس ، والتعظيم والتمجيد { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } ( ق ) عن ابن عباس في قوله : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه سلم : ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ، ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلاً زاد في رواية وابتغ بين ذلك سبيلاً أسمعهم ، ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن وقيل نزلت الآية في الدعاء وهو قول عائشة والنخعي ومجاهد ومكحول . ( ق ) عن عائشة « ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها » قالت : نزل ذلك في الدعاء . وقيل : كان أعراب من بني تميم إذا سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : اللهم ارزقنا مالاً وولداً يجهرون بذلك فأنزل الله عز وجل « ولا تجهر بصلاتك أي لا ترفع صوتك بقراءتك ودعائك ولا تخافت بها » المخافتة خفض الصوت ، والسكوت { وابتغ } أي اطلب { بين ذلك سبيلاً } أي طريقاً وسطاً بين الجهر والإخفاء . عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : « مررت بك وأنت تقرأ القرآن وأنت تخفض من صوتك فقال إني أسمعت من ناجيت فقال ارفع قليلاً وقال لعمر مررت بك ، وأنت تقرأ وأنت ترفع من صوتك فقال إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال : أخفض قليلاً » أخرجه الترمذي .