قوله تعالى : { أَيّاً مَّا تَدْعُواْ } : " أيَّاً " منصوب ب " تَدْعُوا " على المفعول به ، والمضافُ إليه محذوفٌ ، أي : أيَّ الاسمين . و " تَدْعوا " مجزوم بها فهي عاملةٌ معمولةٌ ، وكذلك الفعلُ ، والجوابُ الجملةُ الاسمية مِنْ قوله { فَلَهُ الأَسْمَآءَ الْحُسْنَى } . وقيل : هو محذوفٌ تقديرُه : جاز ، ثم استأنفَ فقال : فله الأسماءُ الحسنى " . وليس بشيءٍ .
والتنوين في " أَيَّاً " عوضٌ من المضافِ إليه . وفي " ما " قولان ، أحدهما : أنها مزيدةٌ للتاكيد . والثاني : أنها شرطيةٌ جُمِعَ بينهما تأكيداً كما جُمِع بين حَرْفَيْ الجرِّ للتاكيد ، وحَسَّنه اختلافُ اللفظ كقوله :
فَأَصْبَحْنَ لا يَسْأَلْنني عن بما به *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويؤَيِّد هذا ما قرأ به طلحة بن مصرف " أياً مَنْ تَدْعُوا " فقيل : " مَنْ " تحتمل الزيادة على رأيِ الكسائي كقوله في قوله :
يا شاةَ مَنْ قنَصَ لِمَنْ حَلَّتْ له *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
واحتُمِل أن تكونَ شرطيةً ، وجُمِع بينهما تأكيداً لِما تقدم . و " تَدْعُوا " هنا يحتمل أن يَكونَ من الدعاء وهو النداء فيتعدَّى لواحدٍ ، وأن يَكونَ بمعنى التسمية فيتعدَّى لاثنين ، إلى الأولِ بنفسه ، وإلى الثاني بحرفِ الجر ، ثم يُتَّسَعُ في الجارِّ فيُحذف كقوله :
دَعَتْني أخاها أمُّ عمروٍ . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والتقدير : قل : ادعُوا معبودَكم بالله أو بالرحمن/ بأيِّ الاسمين سَمَّيتموه . وممَّن ذهب إلى كونها بمعنى " سَمَّى " الزمخشري .
ووقف الأخوان على " أيّا " بإبدال التنوين ألفاً ، ولم يقفا على " ما " تبييناً لانفصالِ ، " أيَّ " مِنْ " ما " . ووقف غيرُهما على " ما " لامتزاجها ب " أيّ " ، ولهذا فُصِل بها بين " أيّ " وبين ما أُضيفت إليه في قوله تعالى
{ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ } [ القصص : 28 ] . وقيل : " ما " شرطيةٌ عند مَنْ وقف على " أياً " وجعل المعنى : أيَّ الاسمينِ دَعَوْتموه به جاز ثم استأنف { مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَآءَ الْحُسْنَى } يعني أنَّ " ما " شرطٌ ثانٍ ، و " فله الأسماءُ " جوابُه ، وجوابُ الأول مقدِّرٌ . وهذا مردودٌ بأنَّ " ما " لا تُطْلق على آحاد أولي العلم ، وبأنَّ الشرطَ يقتضي عموماً ، ولا يَصِحُّ هنا ، وبأن فيه حَذْفَ الشرط والجزاء معاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.