بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا} (110)

{ قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن } ؛ قال الكلبي : كان ذكر الرحمن في القرآن قليلاً في بدىء ما نزل من القرآن ، وقد كان أسلم ناس من اليهود ، منهم عبد الله بن سلام وأصحابه ، وكان ذكره في التوراة كثيراً ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فنزل : { قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن } . قرأ حمزة والكسائي : { قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن } بكسر اللام والواو ؛ وقرأ أبو عمرو بكسر اللام في { قُلِ ادعوا } وضم الواو في { أَوِ ادعوا الرحمن } ، وقرأ الباقون كليهما بالضم ، ومعناهما واحد . { أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسماء الحسنى } يعني : بأي الاسمين تدعون ، فهو حسن { فَلَهُ الأسماء الحسنى } ، أي له الصفات العلى .

ثم قال : { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بمكة وكان يصلي بأصحابه ، وإذا رفع صوته ، أذاه المشركون ؛ وإذا خفض لا يسمع صوته الذين خلفه ، فأنزل الله تعالى { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } ، أي بقراءتك فيؤذيك المشركون { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } في جميع الصلوات ، يعني : لا تسر بقراءتك فلا يسمع أصحابك قراءتك . { وابتغ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً } ؛ يقول : بين الرفع والخفض ، ويقال : معناه ولا تجهر في جميع الصلوات ، ولا تخافت في جميع الصلوات . { وابتغ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً } ، أي اجهر في بعض الصلوات ، وخافت في البعض .