ثم قال : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان } [ 109 ] .
معنى الآية : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه فيقول : مرة : يا الله ، ومرة : يا رحمن . فظن الجاهلون من المشركين أنه يدعو الهين . فأنزل الله عز وجل هذه الآية احتجاجا عليهم {[42072]} .
قال ابن عباس : سمع المشركون النبي {[42073]} صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده {[42074]} يا رحمن يا رحيم : فقالوا : [ إن {[42075]} ] هذا يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعو مثنى مثنى . فأنزل [ عز وجل {[42076]} ] الآية : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان } [ 109 ] {[42077]} .
وروي : أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يقول في دعائه يا الله يا رحمن فقال : يا معشر قريش ، محمد ينهانا أن نعبد إلهين وهو يعبد {[42078]} إلها آخر يقال له الرحمن ، فأنزل الله [ عز وجل {[42079]} ] الآية .
وقوله : { أيا ما تدعوا } [ 109 ] .
ما صلة ، و( ايا ) منصوب بتدعوا . وتدعوا جزم بالشرط وقيل [ " ما {[42080]} " ] بمعنى أي {[42081]} كررت لاختلاف [ اللفظ كما تقول ما إن رأيتكما الليلة . فإن بمعنى ما كررت لاختلاف {[42082]} ] . اللفظين {[42083]} .
وقال الأخفش { أيا ما تدعوا } معناه : أي الدعاءين {[42084]} تدعوا {[42085]} كأنه يجعل ما اسما . وقال أبو إسحاق : المعنى : أي الأسماء تدعو إن/دعوت الله أو للرحمن فكله اسم الله لأن له الأسماء الحسنى {[42086]} .
ويلزم في هذين القولين ألا تنون {[42087]} " أي " : وأن تكون مضافة إلى " ما " . وفي إجماع المصاحف والقراء على تنوين " أي " : ما يدل على صحة كون " ما " زائدة للتأكيد وكونها بمعنى " أي " أعيد للتأكيد وحسن ذلك لاختلاف اللفظ .
ثم قال تعالى : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت [ 109 ] .
قالت عائشة رضي الله عنها ، وابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير وعروة {[42088]} بن الزبير {[42089]} : نزلت في الدعاء {[42090]} . فالصلاة هنا الدعاء على قولهم .
وقال الضحاك : هي منسوخة بقوله : { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة } {[42091]} . الآية ، وروي ذلك عن ابن عباس أيضا : أن " الصلاة " هنا : القراءة في الصلاة ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم {[42092]} إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون ، سبوا القرآن ، ومن أنزله ، ومن جاء به . فقال الله [ عز وجل {[42093]} ] لنبيه صلى الله عليه وسلم { ولا تجهر بصلاتك } [ 109 ] فيسمع المشركون { ولا تخافت بها } [ 109 ] حتى لا يسمعك أصحابك { وابتغ بين ذلك سبيلا } [ 109 ] أي : اطلب بين الإعلان والتخافت طريقا {[42094]} .
قال الضحاك : هذا كان بمكة {[42095]} .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : نزلت هذه الآية في التشهد {[42096]} . وكذلك قال ابن سيرين ، قال : كانت العرب ترفع أصواتها بالتشهد ، فنزلت هذه الآية في ذلك {[42097]} .
وقال عكرمة والحسن : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة جهارا [ فأمر {[42098]} ] بإخفائها {[42099]} .
وقال قتادة : معناه ولا تحسن صلاتك مرائيا في العلانية ، ولا تخافت [ بها {[42100]} ] تسيئها {[42101]} في السريرة {[42102]} .
وعن ابن عباس أنه قال : لا تصل مراءاة للناس ، ولا تدعها مخافة الناس {[42103]} .
واختار الطبري قول من قال : أنه الدعاء [ لأنه {[42104]} ] أتى عقيب {[42105]} قوله : { [ قل {[42106]} ] ادعوا الله أو ادعوا الرحمان } [ 109 ] ، فهي محكمة ، لأن رفع الصوت بالدعاء مكروه ، وهو قول أبي هريرة وأبي موسى الأشعري {[42107]} وعائشة رضي الله عنهم {[42108]} .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : النهي عن رفع الصوت بالدعاء فقال {[42109]} : " إنكم لا تدعون أصم {[42110]} ولا غائبا {[42111]} ، إنكم تدعون سميعا بصيرا {[42112]} .
والمخافتة الإخفاء {[42113]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.