تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا} (110)

{ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } ، وذلك أن رجلا من المسلمين دعا الله عز وجل ، ودعا الرحمن في صلاته ، فقال أبو جهل بن هشام : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا ، فما بال هذا يدعو ربين اثنين ، أولستم تعلمون أن الله اسم ، والرحمن اسم ، قالوا : بلى ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } .

فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل ، فقال : "يا فلان ، ادع الله ، أو ادع الرحمن ، ورغم لآناف المشركين" ، { أيا ما تدعوا } ، يقول : فأيهما تدعو ، { فله الأسماء الحسنى } ، يعنى الأسماء الحسنى التي في آخر الحشر ، وسائر ما في القرآن ، { ولا تجهر بصلاتك } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة يصلي إلى جانب دار أبي سفيان عند الصفا ، فجهر بالقرآن في صلاة الغداة ، فقال أبو جهل : لم تفتري على الله ، فإذا سمع ذلك منه خفض صوته ، فلا يسمع أصحابه القرآن ، فقال أبو جهل : ألم تروا يا معشر قريش ما فعلت بابن أبي كبشة حتى خفض صوته ، فأنزل الله تعالى ذكره : { ولا تجهر بصلاتك } ، يعنى بقراءتك في صلاتك ، فيسمع المشركين فيوءذوك ، { ولا تخافت بها } ، يقول : ولا تسر بها ، يعنى بالقرآن ، فلا يسمع أصحابك ، { وابتغ بين ذلك سبيلا } آية ، يعنى مسلكا ، يعنى بين الخفض والرفع .