مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا} (36)

{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } ولا تتبع ما لم تعلم أي لا تقل رأيت وما رأيت وسمعت وما سمعت . وعن ابن الحنفية : لا تشهد بالزور . وعن ابن عباس . لا ترم أحداً بما لا تعلم . ولا يصح التثبت به لمبطل الاجتهاد لأن ذلك نوع من العلم فإن علمتموهن مؤمنات ، وأقام الشارع غالب الظن مقام العلم وأمر بالعمل به كما في الشهادات ولنا في العمل بخبر الواحد لما ذكرنا { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } { أولئك } إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد لأن { أولئك } كما يكون إشارة إلى العقلاء يكون إشارة إلى غيرهم كقول جرير

ذم المنازل بعد منزلة اللوى . . . والعيش بعد أولئك الأيام

و { عنه } في موضع الرفع بالفاعلية أي كل واحد منها كان مسئولاً عنه ، فمسؤول مسند إلى الجار والمجرور كالمغضوب في { غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ } [ الفاتحة : 7 ]

يقال للإنسان . لم سمعت ما لم يحل لك سماعه ، ولم نظرت إلى ما لم يحل لك النظر إليه ، ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه ؟ كذا في الكشاف ، وفيه نظر لبعضهم لأن الجار والمجرور إنما يقومان مقام الفاعل إذا تأخرا عن الفعل ، فأما إذا تقدما فلا