مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ} (180)

{ كتب } فرض { عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت } أي إذا دنا منه فظهرت أمارته { إِن تَرَكَ خَيْرًا } مالاً كثيراً لما روي عن علي رضي الله عنه :إن مولى له أراد أن يوصي وله سبعمائة فمنعه وقال : قال الله تعالى : «إن ترك خيراً » . والخير هو المال الكثير وليس لك مال . وفاعل كتب { الوصية للوالدين والأقربين } وكانت الوصية للوارث في بدء الإسلام فنسخت بآية المواريث كما بيناه في شرح المنار . وقيل : هي غير منسوخة لأنها نزلت في حق من ليس بوارث بسبب الكفر لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام ، يسلم الرجل ولا يسلم أبواه وقرائبه ، والإسلام قطع الإرث فشرعت الوصية فيما بينهم قضاء لحق القرابة ندباً ، وعلى هذا لا يراد بكتب فرض { بالمعروف } بالعدل ، وهو أن لا يوصي للغني ويدع الفقير ، ولا يتجاوز الثلث . { حَقّاً } مصدر مؤكد أي حق ذلك حقاً { عَلَى المتقين } على الذين يتقون الشرك .