تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ} (180)

كتب : فرض .

خيرا : الخير كل ما يحقق نفعا أو سعادة ، ويطلق على المال الكثير الطيب ، وهو المقصود هنا .

الوصية : ما يكتبه الرجل ليُعمل به من بعده .

المعروف : الخير المتعارف به بين الناس .

كان الكلام في الآية السابقة عن القصاص في القتل ، وفي هذه الآية جاء تشريع آخر هو الوصية عند الموت . والمناسبة بين هذه الآيات واضحة ، والخطاب موجه إلى الناس كلهم بأن يوصوا بشيء من الخير ، فيقول سبحانه : فرض عليكم إذا حضرت أسبابُ الموت وعلله أحداً من الناس ، وكان عنده مال كثير ، يوصي من هذا المال للوالدين وذوي القربى بشيء منه ، على أن لا تزيد الوصية على ثلث مال الموصي . فأما إذا كان ماله قليلاً وله ورثة ، فلا تجب عليه الوصية ، لأن الله تعالى يقول : { إِن تَرَكَ خَيْراً } والخير : هو المال الكثير .

ونص الآية أن الوصية تجب للوالدين والأقربين . وهناك آية الميراث في سورة النساء التي تورّث الوالدين . وهناك حديث صحيح : «لا وصية لوارث » ، رواه أصحاب السنن ، ولذلك قال معظم العلماء : إن الوصية لا تجوز للوارث بما في ذلك الأب والأم ؟ وقال بعضهم : يجوز أن يوصي لبعض الورثة عملاً بهذه الآية . أما الأقربون الذين لا يرثون ، فالوصية لهم جائزة بنص هذه الآية ، وحكمها باق .

وحكمة الوصية للأقارب عظيمة ، فهي لون من ألوان التكافل الاجتماعي . ولذلك قال تعالى { حَقّاً عَلَى المتقين } أي : أوجب ذلك حقا على المتقين .