مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡيَتَٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحٞ لَّهُمۡ خَيۡرٞۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (220)

فِى الدنيا } أي في أمر الدنيا { والآخرة } و «وفي » يتعلق بتتفكرون أي تتفكرون فيما يتعلق بالدارين فتأخذون بما أصلح لكم ، أو تتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما منافع ، ويجوز أن يتعلق ب «يبين » أي يبين لكم الآيات في أمر الدارين وفيما يتعلق بهما لعلكم تتفكرون . ولما نزل { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً } [ النساء : 10 ] اعتزلوا اليتامى وتركوا مخالطتهم والقيام بأموالهم وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل .

{ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اليتامى قُلْ إصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } أي مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ } وتعاشروهم ولم تجانبوهم { فَإِخوَانُكُمْ } فهم إخوانكم في الدين ومن حق الأخ أن يخالط أخاه { والله يَعْلَمُ المفسد } لأموالهم { مِنَ المصلح } لها فيجازيه على حسب مداخلته فاحذروه ولا تتحروا غير الإصلاح { وَلَوْ شَاءَ الله } إعناتكم { لأَعْنَتَكُمْ } لحملكم على العنت وهو المشقة وأحرجكم فلم يطلق لكم مداخلتهم { إِنَّ الله عَزِيزٌ } غالب يقدر على أن يعنت عباده ويحرجهم { حَكِيمٌ } لا يكلف إلا وسعهم وطاقتهم .