{ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } فتحبسون من أموالكم ما يصلحكم في معاش الدنيا ، وتنفقون الباقي فيما ينفعكم في العقبى .
وقال أكثر المفسّرين : معناها : يبيّن الله لكم الآيات في أمر الدنيا والآخرة لعلّكم تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها فتزهدوا فيها ، وفي إقبال الآخرة وذهابها فترغبوا فيها . { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى } قال الضحّاك والسدّي وابن عباس في رواية عطية : كان العرب في الجاهلية يعظّمون شأن اليتيم ويشدّدون في أمره حتى كانوا لا يؤاكلونه ، ولا يركبون له دابّة ، ولا يستخدمون له خادماً ، وكانوا يتشاءمون بملامسة أموالهم ، فلمّا جاء الاسلام سألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية .
وقال قتادة والربيع وابن عباس في رواية سعيد بن جبير وعلي بن أبي طلحة : لمّا نزل في أمر اليتامى { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } [ الأنعام : 152 ] وقوله { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً } [ النساء : 10 ] اعتزلوا أموال اليتامى وعزلوا طعامهم من طعامهم ، واجتنبوا مخالطتهم في كل شيء حتى كان يُصنع لليتيم طعام فيفضل منه شيء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد واشتدّ ذلك عليهم ، وسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى } . { قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } وقرأ طاووس : قلْ إصلاح إليهم خير بمعنى الاصلاح لأموالهم من غير أُجرة . ومن غير عوض عنهم خير وأعظم أجراً . { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ } فتشاركوهم في أموالهم وتخالطوها بأموالكم في نفقاتكم ومطاعمكم ومساكنكم وخدمكم ودوابّكم ، فتصيبوا من أموالهم عوضاً عن قيامكم بأُمورهم وتكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم { فَإِخْوَانُكُمْ } أي فهم إخوانكم ، وقرأ أبو مجلز : فإخوانكم نصيباً أي فخالطوا إخوانكم أو فأخوانكم تخالطون والإخوان يعين بعضهم بعضاً ونصب أعينهم .
يقال : بعض على وجه الاصلاح والرضا قالت عائشة : إنّي لأكره أن يكون مال اليتيم عندي كالغرة حتى أخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي .
ثم قال : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } لها فاتقوا الله في مال اليتامى ، ولا تجعلوا مخالفتكم إيّاهم ذريعة إلى إفساد أموالهم وأكلها بغير حق { وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ } لضيّق عليكم وآثمكم في ظلمكم إيّاهم قال ابن عباس : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقاً .
وأصل العنت الشدّة والمشقّة يقال : عقبه عنوت أي شاقه كؤود ، وقال الزجاج : أصل العنت أن يحدث في رِجل البعير كسر بعد جبر حتى لا يمكنه أن يمشي . قال القطامي :
فماهمُ صالحوا من ينتقى عنتي *** ولا همُ كدّروا الخير الذي فعلوا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.