وقوله : { فِى الدنيا والآخرة } متعلق بقوله : { تَتَفَكَّرُونَ } أي : تتفكرون في أمرهما ، فتحبسون من أموالكم ما تصلحون به معايش دنياكم ، وتنفقون الباقي في الوجوه المقرّبة إلى الآخرة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير : أي : كذلك يبين الله لكم الآيات في الدنيا ، والآخرة لعلكم تتفكرون في الدنيا ، وزوالها ، وفي الآخرة ، وبقائها ، فترغبون عن العاجلة إلى الآجلة . وقيل : يجوز أن يكون إشارة إلى : { وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نفْعِهِمَا } أي : لتتفكروا في أمر الدنيا ، والآخرة ، وليس هذا بجيد . قوله : { ويسألونك عن اليتامى } هذه الآية نزلت بعد نزول قوله تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليتيم } [ الأنعام : 152 ] وقوله : { إِنَّ الذين يَأكُلُونَ أموال اليتامى } [ النساء : 10 ] وقد كان ضاق على الأولياء الأمر - كما سيأتي بيانه إن شاء الله - فنزلت هذه الآية . والمراد بالإصلاح هنا : مخالطتهم على وجه الإصلاح لأموالهم ، فإن ذلك أصلح من مجانبتهم وفي ذلك دليل على جواز التصرف في أموال الأيتام من الأولياء ، والأوصياء بالبيع ، والمضاربة والإجارة ونحو ذلك .
قوله : { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم } اختلف في تفسير المخالطة لهم ، فقال أبو عبيدة : مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ، ويشقّ على كافله أن يفرد طعامه عنه ، ولا يجد بداً من خلطه بعياله ، فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه كافيه بالتحري ، فيجعله مع نفقة أهله ، وهذا قد تقع فيه الزيادة ، والنقصان ، فدلت هذه الآية على الرخصة ، وهي : ناسخة لما قبلها . وقيل : المراد بالمخالطة : المعاشرة للأيتام . وقيل : المراد بها : المصاهرة لهم ، والأولى عدم قصر المخالطة على نوع خاص ، بل تشمل كل مخالطة كما يستفاد من الجملة الشرطية . وقوله : { فَإِخوَانُكُمْ } خبر لمبتدأ محذوف أي : فهم إخوانكم في الدين . وفي قوله : { والله يَعْلَمُ المفسد مِنَ المصلح } تحذير للأولياء أي : لا يخفى على الله من ذلك شيء ، فهو يجازي كل أحد بعمله من أصلح ، فلنفسه ، ومن أفسد فعلى نفسه . وقوله : { لأعْنَتَكُمْ } أي : ولو شاء لجعل ذلك شاقاً عليكم ، ومتعباً لكم ، وأوقعكم فيما فيه الحرج ، والمشقة . وقيل العنت هنا : معناه : الهلاك . قاله أبو عبيدة ، وأصل العنت المشقة . وقال ابن الأنباري : أصل العنت التشديد ، ثم نقل إلى معنى الهلاك . وقوله : { عَزِيزٌ } أي : لا يمتنع عليه شيء ؛ لأنه غالب لا يُغَالَب { حَكِيمٌ } يتصرف في ملكه بما تقتضيه مشيئته ، وحكمته ، وليس لكم أن تختاروا لأنفسكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.