الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡيَتَٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحٞ لَّهُمۡ خَيۡرٞۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (220)

وقوله تعالى : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اليتامى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ }[ البقرة :220 ] . قال ابن عبَّاس ، وسعيد بن المسيَّب : سبب الآية أن المسلمين لما نزلَتْ : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم } [ الأنعام : 152 ] و [ الإسراء : 34 ] ونزلت : { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً } [ النساء : 10 ] تجنبوا اليتامى ، وأموالَهم ، وعزلوهم عن أنفسهم ، فنزلت : { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم . . . } [ البقرة :220 ] الآية ، وأمر اللَّه سبحانه نبيَّه ، أن يجيب بأن من قصد الإِصلاح في مال اليتيمِ ، فهو خيْرٌ ، فرفع تعالى المشقَّة ، وأباح الخُلْطة في ذلك ، إِذا قُصِدَ الإِصلاح ، ورفْقُ اليتيم .

وقوله سبحانه : { والله يَعْلَمُ المفسد مِنَ المصلح }[ البقرة :220 ] تحذيرٌ .

وقوله تعالى : { وَلَوْ شاءَ الله لأَعْنَتَكُمْ }[ البقرة :220 ] .

أي : لأتعبكم في تجنُّب أمر اليتامَى ، والعَنَتُ : المشقَّة ، ومنه عَقَبَةٌ عَنُوتٌ ، ومنه : عَنَتُ العُزْبَةِ ، و{ عَزِيزٌ } : مقتضاه لا يرد أمره ، و{ حَكِيمٌ } : أي : مُحْكِمٌ ما ينفذه .