{ في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم 220 } .
{ في الدنيا } أنها فانية والآخرة أنها باقية ، وفي أمورهما لتصلحوها ولا تتحملوا مفسداتهما ، فلا تتركوا اللذائذ الباقية للذائذ الفانية .
/ { ويسألونك عن اليتامى } أخرج أبو داود{[1261]} والنسائي{[1262]} والحاكم وغيرهم ، عن ابن عباس قال : ( لما نزل قوله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } {[1263]} . وقوله تعالى : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } [ 4/ النساء/ 10 ] انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل له الشيء من طعامه وشرابه ، فيُحبس له حتى يأكله أو يفسد ، فاشتد ذلك عليهم . فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : { ويسألونك عن اليتامى . . } الآية فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم ) . وقوله تعالى : { قل إصلاح لهم خير } أي : مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم . وإنما أُقيم غاية المداخلة أعني الإصلاح مقامها ، تنبيها على أن المأمور به مداخلة يكون ترتب الإصلاح عليها ظاهرا . كأنها عين الإصلاح { وإن تخالطوهم } تعاشروهم ولم تجانبوهم { فإخوانكم } فهم إخوانكم في الدين الذي هو أقوى من العلاقة النسبية . ومن حقوق الإخوة : المخالطة بالإصلاح والنفع .
قال الأصبهانيّ : وإذا كان هذا في أموال اليتامى واسعا ، كان في غيرهم أوسع . وهو أصل شاهد لما يفعله الرفاق في الأسفار . يخرجون النفقات بالسوية ، ويتباينون في قلة المطعم وكثرته .
/ { والله يعلم المفسد } لأموالهم { من المصلح } لها ، فيجازيه على حسب مداخلته ، فاحذروه ولا تتحرَّوْا غير الإصلاح { ولو شاء الله لأعنتكم } لحملكم على العنت وهو المشقة وأحرجكم ، فلم يطلق لكم مداخلتهم ، ولا يمنعه من ذلك شيء . { إن الله عزيز } أي : غالب على ما أراد { حكيم } أي : فاعل لأفعاله حسبما تقتضيه الحكمة الداعية إلى بناء التكليف على أساس الطاقة .
هذا ، وقد حمل القاضي قوله تعالى : { قل إصلاح لهم خير } على جهات المصالح والخيرات العائدة إلى الوليّ واليتيم . قال رحمه الله : هذا الكلام يجمع النظر في صلاح مصالح اليتيم بالتقويم والتأديب وغيرهما لكي ينشأ على علم وأدب وفضل ، لأن هذا الصنع أعظم تأثيرا فيه من إصلاح حاله بالتجارة . ويدخل فيه أيضا إصلاح ماله كي لا تأكله النفقة من جهة التجارة . ويدخل فيه أيضا معنى قوله تعالى : { وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدّلوا الخبيث بالطيب } {[1264]} . ومعنى قوله { خير } يتناول حال المتكفل . أي : هذا العمل خير له من أن يكون مقصرا في حق اليتيم . ويتناول حال اليتيم أيضا . أي : هذا العمل خير لليتيم من حيث أنه يتضمن صلاح نفسه وصلاح ماله . فهذه الكلمة جامعة لجميع مصالح اليتيم والولي .
وقد روى البخاري{[1265]} عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا . وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) . وروى نحوه مسلم أيضا في ( صحيحه ) {[1266]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.