مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانبياء وهي مائة واثنتا عشرة آية كوفي واحدى عشرة آية مدني وبصري

{ اقترب } دنا { لِلنَّاسِ } اللام صلة لاقتراب . عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالناس المشركون لأن ما يتلوه من صفات المشركين { حِسَابَهُمْ } وقت محاسبة الله إياهم ومجازاته على أعمالهم يعني يوم القيامة ، وإنما وصفه بالاقتراب لقلة ما بقي بالإضافة إلى ما مضى ولأن كل آتٍ قريب { وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ } عن حسابهم وعما يفعل بهم ثم { مُّعْرِضُونَ } عن التأهب لذلك اليوم فالاقتراب عام والغفلة والإعراض يتفاوتان بتفاوت المكلفين ، فرب غافل عن حسابه لاستغراقه في دنياه وإعراضه عن مولاه ، ورب غافل عن حسابه لاستهلاكه في مولاه وإعراضه عن دنياه فهو لا يفيق إلا برؤية المولى ، والأول إنما يفيق في عسكر الموتى فالواجب عليك أن تحاسب نفسك قبل أن تحاسب وتتنبه للعرض قبل أن تنبه ، وتعرض عن الغافلين وتشتغل بذكر خالق الخلق أجمعين لتفوز بلقاء رب العالمين