مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ لِّكَيۡلَا تَحۡزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (153)

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } تبالغون في الذهاب في صعيد الأرض ، والإصعاد الذهاب في صعيد الأرض أو الإبعاد فيه بصرفكم ، أو بقوله «ليبتليكم » أو بإضمار «اذكروا » { وَلاَ تَلْوُونَ على أحَدٍ } ولا تلتفون وهو عبارة عن غاية انهزامهم وخوف عدوهم { والرسول يَدْعُوكُمْ } يقول " إليّ عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة " والجملة في موضع الحال { فِى أُخْرَاكُمْ } في ساقتكم وجماعتكم الأخرى وهي المتأخرة . يقال جئت في آخر الناس وأخرهم كما تقول في أولهم وأولاهم بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى { فأثابكم } عطف على «صرفكم » أي فجازاكم الله { غَمّاً } حين صرفكم عنهم وابتلاكم { بِغَمّ } بسبب غم أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم أمره أو غماً مضاعفاً ، غماً بعد غم وغماً متصلاً بغم ، من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله عليه السلام والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر { لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ } لتتمرنوا على تجرع الغموم فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع { وَلاَ مَا أصابكم } ولا على مصيب من المضار { والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } عالم بعملكم لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، وهذا ترغيب في الطاعة وترهيب عن المعصية .