تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ لِّكَيۡلَا تَحۡزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (153)

الآية 153 وقوله تعالى : { إذ تصعدون ولا تلوون } فيه لغتان{[4508]} : تصعدون بفتح التاء وهو من الصعود : أ ن صعدوا الجبل و{ تصعدون } بالرفع : أن أصعدوا أصحابهم نحو الوادي لأن المنهزم إذا التفت فرأى منهزما آخر اشتد وقيل : الإصعاد هو الإبعاد في الأرض وقيل : { تصعدون } من صعود الجبل { تصعدون } في الوادي من الجبل .

وقوله تعالى : { ولا تلوون على أحد } أي لا تلتفتون على أحد ولا ترجعون أي الرسول { يدعوكم في أخراكم }الرسول يدعوكم وينادي وراءكم : إلي أنا الرسول ، وقيل : يناديكم من بعدكم : إلي أنا رسول الله يا معشر المؤمنين وكان نداؤه في أخراكم بأولهم بعضهم ببعض فلم يرجعوا إليه .

وقوله تعالى : { فأثابكم غما بغم } اختلف فيه : قيل : الغم الأول الهزيمة والنكبة التي أصابتهم والغم الآخر الصوت الذي سمعوا : قتل محمد عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات فذلك غم على غم ويحتمل { غما بغم } ( الأول بعصيانهم ) {[4509]} رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتموا ، والغم الأخر أن{[4510]} كيف يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركهم المركز وعصيانهم إياه والخلاف له ؟ وقيل : قوله عز وجل : { فأثابكم غما بغم } أي مرة بعد المرة الأولى وقيل : { غما بغم } أي هزيمة بعد هزيمة ، أصابتهم هزيمة من قبل إخوانهم وأصابتهم الجراحات وقيل : { فأثابكم غما } بعصيانكم رسول الله صلى الله عليه وسلم { بغم } الذي أدخلوا على رسول الله وبترككم المركز والطاعة وفي قوله عز وجل : { فأثابكم غما بغم } هو{[4511]} غم الهزيمة والنكبة بالغم الذي أدخلوا على رسول الله بترككم المركز والطاعة وفي قوله عز وجل : { فأثابكم غما بغم } هو{[4512]} غم الهزيمة والنكبة بالغم الذي أدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصيانهم إياه وإهمالهم المقعد الذي أمرهم بالمقام فيه . وقيل : { غما بغم } الذي له تركوا المركز وهو أن غمهم اغتنام أصحابهم . وقيل : غم الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغم الذي جفوه به حين مالوا إلى الدنيا في ما أمرهم . وقيل : { غما } على إثر غم نحو القتل والهزيمة والإرجاف بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقيقته أن يكون أحد الغمين جزاء والآخر ابتداء ، وفي ذلك تحقيق الزلة والجزاء ، وذلك كقوله عز وجل : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } ( الشورى 30 ) .

وقوله تعالى : { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من الدنيا { ولا ما أصابكم } يعني من الفتح والغنيمة { ولا ما أصابكم } من القتل والهزيمة . ويحتمل قوله : { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من الدنيا { ولا ما أصابكم } فيها من أنواع الشدائد بما أدخلتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغم بعصيانكم إياه ( وقوله ){[4513]} { والله خبير بما تعملون } على الوعيد /71-ب/ .


[4508]:تصعدون بفتح التاء وتشديد العين: أبو حيوة {تصعدون} في الوادي: أبي بكر بن كعب انظر المحتضر في شواذ القرآن ص (23) والبحر المحيط 3/384. فيلا الأصل و م: عصيانهم.
[4509]:من م في الأصل: أي.
[4510]:في الأصل و م: وهو.
[4511]:؟؟؟؟
[4512]:؟؟؟؟
[4513]:ساقطة في الأصل وم.