فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ لِّكَيۡلَا تَحۡزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (153)

{ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد } الإصعاد الذهاب في الأرض والإبعاد فيها { ولا تلوون } لا تلتقون ؛ قال ابن إسحق أنبهم الله بالفرار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم لا يعطفون عليه لدعائه إياهم . { والرسول يدعوكم في أخراكم } وكان صلوات الله عليه حين ناداهم في الساقة والجماعة الأخرى ، لأن الذين فروا تقدموا النبي وبقي هو في الجماعة المتأخرة { فأثابكم غما بغم } فقال الحسن { غما } يوم أحد { بغم } يوم بدر للمشركين ؛ وسمي الغم ثوابا كما سمي جزاء الذنب ذنبا { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون } كأنه تعليل لما جرى أي كان ما كان لأجل أن لا تغتموا على ما فاتكم من النصر والغنيمة ولا ما وقع بكم من القتل والجراح فلا تأسوا لإدبار الدنيا ولا تفرحوا بإقبالها وهذا قريب من معنى قول الحق سبحانه { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم . . }{[1186]} وربنا ذو خبرة وعلم محيط بكل عمل وفعل وقصد وقول ، فيجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته أو يعفو عنه .


[1186]:من سورة الحديد من الآية 23.