مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠} (10)

{ إِذْ جَاءوكُمْ } بدل من { إِذْ جَاءتْكُمْ } { مّن فَوْقِكُمْ } أي من أعلى الوادي من قبل المشرق بنو غطفان { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } من أسفل الوادي من قبل المغرب قريش { وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار } مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة ، أو عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوها لشدة الروع { وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر } الحنجرة رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم ، والحلقوم مدخل الطعام والشراب . قالوا : إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع أو الغضب ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة . وقيل : هو مثل في اضطراب القلوب وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة . رُوي أن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر قال : « نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا » { وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } خطاب للذين آمنوا ومنهم الثبت القلوب والأقدام والضعاف القلوب الذين هم على حرف والمنافقون ، فظن الأولون بالله أنه يبتليهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال ، وأما الآخرون فظنوا بالله ما حكى عنهم .

قرأ أبو عمرو وحمزة { الظنون } بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس ، وبالألف فيهما : مدني وشامي وأبو بكر إجراء للوصل مجرى الوقف ، وبالألف في الوقف : مكي وعلي وحفص ، ومثله { الرسولا } و { السبيلا } زادوها في الفاصلة كما زادها في القافية . من قال :أقلي اللوم عاذل والعتابا . . . وهن كلهن في الإمام بالألف