الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠} (10)

قوله تعالى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ } [ الأحزاب : 10 ] .

يريد : أهل نَجْدٍ مع عيينة بن حِصْن { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } : يريد أهل مكة وسائر تِهَامَة قاله مجاهد : { وَزَاغَتِ الأبصار } معناه مَالَتْ عن مواضِعَها وذلك فِعْلُ الوالِه الفزِع المُخْتَبِلِ { وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر } عبارة عَمّا يَجِدُهُ الهَلِعُ من ثَوَرَانِ نَفْسِه وتفرقها ويجد كأَنَّ حُشْوَتَهُ وَقَلْبَهُ يَصَّعَّدُ عُلُوّاً ، وَرَوَى أبو سعيد أن الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا يَوْمَ الخَنْدَق : ( يَا نَبِيَّ اللّه ، بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ نَقُولُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قُولُوا : ( اللَّهُمَّ ، استر عَوْرَاتِنَا ، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا ) فَقَالُوهَا فَضَرَبَ اللّهُ وُجُوهَ الكُفَّارِ بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ ) .

وقوله سبحانه : { وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } عبارةٌ عن خواطر خطرَتْ للمؤمنين لا يمكن البشرَ دفعُها ، وأما المنافِقونَ فنَطَقُوا ، ونَجَمَ نفاقُهم .