محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (25)

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } أي مكة { الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ } أي المقيم { فِيهِ وَالْبَادِ } أي الطارئ { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } أي بميل عن القصد { بِظُلْمٍ } أي بغير حق { نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي جزاء على هتكه حرمته . ويشمل الإلحاد الإشراك ومنع الناس من عمارته ، واقتراف الآثام . وتدل الآية على أن الواجب على من كان فيه ، أن يضبط نفسه ، ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهم به ويقصده . وقد ذهب بعض السلف إلى أن السيئة في الحرم أعظم منها في غيره ، وأنها تضاعف فيه . وإن هم بها فيه أخذ بها . ومفعول { يرد } إما محذوف ، أي يرد شيئا أو مرادا ما ، والباء للملابسة . أو هي زائدة و { إلحادا } مفعوله . أو للتعدية لتضمينه معنى { يتلبس } . و { بظلم } حال مرادفة . أو بدل مما قبله ، بإعادة الجار . أو صلة له . أي ملحدا بسبب الظلم . وعلى كل ، فهو مؤكد لما قبله . ومن قوله { نذقه } الخ يؤخذ خبر { إن } . ويكون مقدرا بعد قوله { والباد } مدلولا عليه بآخر الآية ، كما ارتضى ذلك أبو حيان في ( البحر ) .