الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (25)

وقوله سبحانه : { إِنَّ الذين كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } [ الحج : 25 ] هذه الآية نزلت عام الحُدَيْبِيَّةِ حِينَ صُدَّ النبي صلى الله عليه وسلم وجاء { يَصُدُّونَ } مستقبلاً إذ هو فعل يُدِيمونه ، وخبر { إِنَّ } محذوف مُقَدَّرٌ عند قوله : و{ البادي } : تقديره : خسروا أو هلكوا . و{ العاكف } : المقيم في البلد ، و«البادي » : القادم عليه من غيره .

وقوله : { بِإِلْحَادِ } قال أبو عبيدة : الباء فيه زائدة .

( ت ) قال ابن العربيِّ في «أحكامه » : وجَعْلُ الباء زائدةً لا يُحْتَاجُ إليه في سبيل العربية لأَنَّ حَمْلَ المعنى على القول أولى من حمله على الحروف ، فيقال : المعنى ومن يَهُمَّ فيه بميل ، لأَنَّ الإلحادَ هو الميل في اللغة إلاَّ أَنَّهُ قد صار في عُرْفِ الشرع ميلاً مذموماً ، فرفع اللّه الإشكال ، وبَيَّنَ سبحانه أَنَّ الميلَ بالظلم هو المراد هنا ، انتهى .

قال ( ع ) : والإلحاد الميلُ وهو يشمل جميع المعاصي من الكفر إلى الصغائر ، فلعظم حرمة المكان توعد اللّه تعالى على نية السيئة فيه ، ومَنْ نوى سيئة ولم يعملها لم يُحَاسَبْ بذلك إلاَّ في مَكَّةَ هذا قولُ ابنِ مسعود وجماعة من الصحابة وغيرهم .