مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (25)

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } أي يمنعون عن الدخول في الإسلام ويصدون ، حال من فاعل { كفروا } أي وهم يصدون أي الصدود منهم مستمر دائم كما يقال «فلان يحسن إلى الفقراء » فإنه يراد به استمرار وجود الإحسان منه في الحال والاستقبال { والمسجد الحرام } أي ويصدون عن المسجد الحرام والدخول فيه { الذى جعلناه لِلنَّاسِ } مطلقاً من غير فرق بين حاضر وبادٍ ، فإن أريد به البيت فالمعنى أنه قبلة لجميع الناس { سَوَآء } بالنصب : حفص مفعول ثانٍ ل { جعلناه } أي جعلناه مستوياً { العاكف فِيهِ والباد } وغير المقيم . بالياء : مكي وافقه أبو عمرو في الوصل وغيره بالرفع على أنه خبر والمبتدأ مؤخر أي العاكف فيه والباد سواء ، والجملة مفعول ثانٍ { للناس } حال { وَمَن يُرِدْ فِيهِ } في المسجد الحرام { بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } حالان مترادفان ومفعول { يرد } متروك ليتناول كل متناول كأنه قال : ومن يرد فيه مراداً ما عادلاً عن القصد ظالماً ، فالإلحاد العدول عن القصد { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } في الآخرة وخبر «إن » محذوف لدلالة جواب الشرط عليه تقديره : إن الذين كفروا ويصدون عن المسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم وكل من ارتكب فيه ذنباً فهو كذلك .