تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المسد مكية ، وآياتها خمس ، نزلت بعد سورة الفتح . أخبرت هذه السورة الكريمة بهلاك أبي لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب ، عم النبي صلى الله عليه وسلم . وقررت أن جميع ما لديه من مال وولد لن يغني عنه شيئا يوم القيامة ، وتوّعدته في الآخرة بنار جهنم ذات اللهب الشديد ، هو وزوجته أروى بنت حرب ، أخت أبي سفيان ، وكانت عوراء تدعى أم جميل . وقد اختصتها السورة بلون من العذاب في عنقها تُجذب فيه إلى النار ، زيادة في التنكيل بها لما كانت عليه من إيذاء الرسول الكريم ، والإساءة إلى دعوته .

وأبو لهب وزوجته أم جميل كانا من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . روى البخاري عن ابن عباس أن الرسول الكريم خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : " يا صباحاه " . فاجتمعت إليه قريش . فقال : " أرأيتم إن حدّثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ؟ أكنتم مصدقيّ " ؟ قالوا : نعم .

قال : { إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد } . فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك .

فأنزل الله تعالى { تبّت يدا أبي لهب وتبّ . . . إلخ } فهذه السورة من المعجزات ؛ لأنها أخبرت بهلاك أبي لهب وزوجته من أول البعثة .

وقد صدقت ، فماتا على الكفر جميعا .

تَبَّ : خسر وهلك . تبَّ يتَبّ تَباً وتَبابا . يقال في الدعاء على الإنسان : تبتّ يدُه . وتَبّاً له : هلاكاً له .

أبو لهب : عبد العزّى بنُ عبد المطلب ، عم النبيّ الكريم .

تَبَّ : الأولى دعاءٌ عليه بالهلاك ، وتبّت الثانية إخبارٌ بأنه قد هلك . لقد خسر أبو لهب وهلك ، وضلّ عملُه لعدائه للرسول الكريم ، وكثرةِ ما سبّب من الأذى له وللمسلمين . فقد كان من أشدّ الناس عداوةً للنبي صلى الله عليه وسلم .

والتعبيرُ باليد ؛ لأنها أداةُ العمل ومظهرُ القوة . { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] . وهذا تعبيرٌ مألوفُ عندَ العرب ، تقول : أصابتْهُ يدُ الدهر ، ويدُ الرزايا والمنايا .

قراءات :

قرأ ابن كثير : أبي لهب بإسكان الهاء . والباقون بفتح الهاء .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

شرح الكلمات :

{ تبت يدا أبي لهب } : أي خسرت يدا أبي لهب بن عبد المطلب ، أي خسر عمله .

{ وتب } : أي خسر هو بذاته ؛ إذ هو من أهل النار .

المعنى :

قوله تعالى { تبت يدا أبي لهب } الآيات الخمس المباركات نزلت ردا على أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ صح أنه لما نزلت آية { وأنذر عشيرتك الأقربين } من سورة الشعراء طلع صلى الله عليه وسلم إلى جبل الصفا ونادى : " واصباحاه ، واصباحاه " فاجتمع الناس حوله فقال لهم : " إني لكم نذير بين يدي عذاب شديد ، قولوا : لا إله إلا لله ، كلمة تملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم " . فنطق أبو لهب فقال : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك طول اليوم . فأنزل الله تعالى رداً عليه { تبت يدا أبي لهب } ، أي خسر أبو لهب ، وخسر كل شيء له ، وهذه جملة دعائية ، ولذا هلك بمرض خطير لم يتمكنوا من غسله فأراقوا عليه الماء ، فقط وقوله { وتب } إخبار من الله تعالى بهلاك عبد العزى أبي لهب .

الهداية :

من الهداية :

1- بيان حكم الله بهلاك أبي لهب ، وإبطال كيده الذي كان يكيده لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

2- حرمة أذية المؤمنين مطلقا .

3- عدم إغناء القرابة شيئا من الشرك والكفر ؛ إذ أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في النار ذات اللهب .