مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

سورة أبي لهب مكية ، وهي خمس آيات .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ } التباب : الهلاك ، ومنه قولهم : أشابّة أم تابّة ، أي هالكة من الهرم ؟ والمعنى هلكت يداه ؛ لأنه فيما يروى أخذ حجراً ليرمي به رسول الله صلى الله عليه وسلم . { وَتَبَّ } وهلك كله ، أو جعلت يداه هالكتين ، والمراد هلاك جملته ، كقوله { بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] ومعنى { وَتَبَّ } وكان ذلك وحصل ، كقوله :

جزائي جزاء الله شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

وقد دلت عليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : { وَقَد تَبَّ } ، روي أنه لما نزل :{ وأنذر عشيرتك الأقربين } رقى الصفا " وقال : يا صباحاه فاستجمع إليه الناس من كل أوب . فقال عليه الصلاة والسلام : يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، إن أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلاً ، أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم . قال : «فإني نذير لكم بين يدي الساعة " فقال أبو لهب : تباً لك ، ألهذا دعوتنا ، فنزلت . وإنما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بها دون الاسم ، أو لكراهة اسمه ، فاسمه عبد العزى ، أو لأن مآله إلى نار ذات لهب فوافقت حاله كنيته . { أَبِي لَهَبٍ } مكي .