وتسمى سورة أبي لهب كما في البحر . هي خمس آيات ، وهي مكية بلا خلاف ، وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعائشة .
{ تبت يدا أبي لهب } قال مقاتل وابن عباس : خسرت ، وقيل : خابت ، وقال عطاء : ضلت ، وقيل : صفرت من كل خير . ومنه قولهم شابة أم تابة أي هالكة من الهرم ، وقيل : المعنى هلكت ، والأول أولى . وخص اليدين بالتباب ؛ لأن أكثر العمل يكون بهما ، وقيل : المراد باليدين نفسه ، وقد يعبر باليد عن النفس كما في قوله { بما قدمت يداك } أي نفسك ، والعرب تعبر كثيرا ببعض الشيء عن كله ، كقولهم : أصابته يد الدهر ، وأصابته يد المنايا .
قرأ العامة ( لهب ) بفتح الهاء ، وقرئ بسكونها . فقيل : لغتان ، بمعنى كالنَّهَر والنهْر ، والشعَر و الشعْر .
وقال الزمخشري هو من تغيير الأعلام ، ولم يختلف القراء في قوله { ذات لهب } أنها بالفتح ، والفرق أنها فاصلة ، فلو سكنت زال التشاكل .
وأبو لهب اسمه عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ، وذكره سبحانه بكنيته لاشتهاره بها ، ولكون اسمه كما تقدم عبد العزى ، و العزى اسم صنم ، ولكون في هذه الكنية ما يدل على أنه ملابس للنار ؛ لأن اللهب هو لهب النار ، وإن كان إطلاقه ذلك عليه في الأصل لكونه كان جميلا ، وأن وجهه يتلهب لمزيد حسنه كما تتلهب النار .
قال القرطبي : أو لأن الله أراد أن يحقق نسبته بأن يدخله النار ، فيكون أبا لهب تحقيقا للنسب ، وإمضاء للفأل والطيرة التي اختارها لنفسه ، وقيل : اسمه كنيته .
وروى صاحب الكشاف أنه قرئ ( تبت يدا أبو لهب ) وذكر وجه ذلك .
قال الفراء : الأول دعاء عليه ، والثاني خير ، كما تقول : أهلكه الله وقد هلك ، والمعنى أنه قد وقع ما دعى به عليه ، وتدل عليه قراءة ابن مسعود ( وقد تب ) ، وقيل : كلاهما إخبار ، أراد بالأول هلاك عمله ، وبالثاني هلاك نفسه ، وقيل : كلاهما دعاء عليه ، ويكون في هذا شبه من مجيء العام بعد الخاص ، وإن كان حقيقة اليدين غير مرادة .
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال : " لما نزلت { وأنذر عشيرتك الأقربين } خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى صعد الصفا فهتف " يا صباحاه " ، فاجتمعوا إليه فقال : " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي " ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب : تبا لك ، إنما جمعتنا لهذا ، ثم قام فنزلت هذه السورة { تبت يدا أبي لهب وتب } {[1747]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.