لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

قوله جلّ ذكره : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السِّيِئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } .

أَمَنْ خفضناه في حضيض الضَّعةِ كَمَنْ رفعناه إلى أعالي المَنَعَة ؟

أَمَنْ أخذنا بيده ورحمناه كَمَنْ داسَه الخذلانُ فرجمناه . ؟

أَمَنْ وهبناه بَسْطَ وقتٍ وأُنْسَ حالٍ ورَوْحَ لُطْفٍ حتى خَصَصْناه ورَقَيْنَاه ، ثم قَرَّبْناه وأَدْنَيَْناه كَمَنْ ترك جُهدَه واستفراغَ وسعه وإسبالَ دَمْعِه واحتراق قلبه . . . فما أنعشناه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

اجترحوا السيئات : اكتسبوا الخطايا والكفر .

مَحياهم : حياتهم .

مَماتهم : موتهم .

لا يمكن أن يكون المحسنُ والمسيء في منزلة واحدة ، ولا يجوز أن نسوّيَ بين الفريقين في الحياة الدنيا ، وفي دار الآخرة . كلا لا يستوون في شيء منهما . كما قال تعالى : { لاَ يستوي أَصْحَابُ النار وَأَصْحَابُ الجنة أَصْحَابُ الجنة هُمُ الفآئزون } [ الحشر : 20 ] .

فالله سبحانه وتعالى قد أقام هذا الكون بما فيه على نظام ثابت ، وعلى أساس الحق والعدل ، فإذا استوى المؤمن والكافر ينتفي العدل . وهذا محالٌ على الله تعالى . وكذلك قال في آية أخرى : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } [ السجدة : 18 ] . يتكرّرُ ذكر إقامة هذا الكون على أساس العدل والحق كثيرا في القرآن الكريم ، لأنه أصلٌ من أصول هذه العقيدة . من ثم علينا ألا نأسف عندما نرى أناساً يتقلبون في النعيم ، وهم من الفَجَرة الفسقة ، فإن وراءهم حساباً عسيرا ، فلا نعيمُ الحياة الدنيا دليل على رضا الله ، ولا بؤسُها دليل على غضبه .

قراءات

قرأ حمزة والكسائي وحفص : سواءً محياهم ، بنصب سواء . والباقون : سواءٌ بالرفع .