في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المسد مكية وآياتها خمس

أبو لهب - [ واسمه عبد العزى بن عبد المطلب ] هو عم النبي [ ص ] وإنما سمي أبو لهب لإشراق وجهه ، وكان هو وامرأته " أم جميل " من أشد الناس إيذاء لرسول الله [ ص ] وللدعوة التي جاء بها . .

قال ابن إسحاق : " حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال : سمعت ربيعة بن عباد الديلي يقول : " إني لمع أبي رجل شاب أنظر إلى رسول الله [ ص ] يتبع القبائل ، ووراءه رجل أحول ، وضيء الوجه ذو جمة ، يقف رسول الله [ ص ] على القبيلة فيقول : " يا بني فلان . إني رسول الله إليكم آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذ عن الله ما بعثني به " وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه : يا بني فلان . هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أقمس ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تسمعوا له ، ولا تتبعوه . فقلت لأبي : من هذا ? قال عمه أبو لهب . [ ورواه الإمام أحمد والطبراني بهذا اللفظ ] .

فهذا نموذج من نماذج كيد أبي لهب للدعوة وللرسول [ ص ] ، وكانت زوجته أم جميل في عونه في هذه الحملة الدائبة الظالمة . [ وهي أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان ] .

ولقد اتخذ أبو لهب موقفه هذا من رسول الله [ ص ] منذ اليوم الأول للدعوة . أخرج البخاري - بإسناده - عن ابن عباس ، أن النبي [ ص ] خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : " يا صباحاه " فاجتمعت إليه قريش ، فقال : أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ? أكنتم مصدقي ? قالوا : نعم . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب . ألهذا جمعتنا ? تبا لك . فأنزل الله( تبت يدا أبي لهب وتب . . . )الخ . وفي رواية فقام ينفض يديه وهو يقول : تبا لك سائر اليوم ! ألهذا جمعتنا ? ! فأنزل الله السورة .

ولما أجمع بنو هاشم بقيادة أبي طالب على حماية النبي [ ص ] ولو لم يكونوا على دينه ، تلبية لدافع العصبية القبلية ، خرج أبو لهب على إخوته ، وحالف عليهم قريشا ، وكان معهم في الصحيفة التي كتبوها بمقاطعة بني هاشم وتجويعهم كي يسلموا لهم محمدا [ ص ] .

وكان قد خطب بنتي رسول الله [ ص ] رقية وأم كلثوم لولديه قبل بعثة النبي [ ص ] فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما حتى يثقل كاهل محمد بهما !

وهكذا مضى هو وزوجته أم جميل يثيرانها حربا شعواء على النبي [ ص ] وعلى الدعوة ، لا هوادة فيها ولا هدنة . وكان بيت أبي لهب قريبا من بيت رسول الله [ ص ] فكان الأذى أشد . وقد روي أن أم جميل كانت تحمل الشوك فتضعه في طريق النبي ؛ وقيل : إن حمل الحطب كناية عن سعيها بالأذى والفتنة والوقيعة .

نزلت هذه السورة ترد على هذه الحرب المعلنة من أبي لهب وامرأته . وتولى الله - سبحانه - عن رسوله [ ص ] أمر المعركة !

( تبت يدا أبي لهب وتب ) . . والتباب الهلاك والبوار والقطع . ( وتبت )الأولى دعاء . ( وتب )الثانية تقرير لوقوع هذا الدعاء . ففي آية قصيرة واحدة في مطلع السورة تصدر الدعوة وتتحقق ، وتنتهي المعركة ويسدل الستار !

فأما الذي يتلو آية المطلع فهو تقرير ووصف لما كان .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المسد مكية ، وآياتها خمس ، نزلت بعد سورة الفتح . أخبرت هذه السورة الكريمة بهلاك أبي لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب ، عم النبي صلى الله عليه وسلم . وقررت أن جميع ما لديه من مال وولد لن يغني عنه شيئا يوم القيامة ، وتوّعدته في الآخرة بنار جهنم ذات اللهب الشديد ، هو وزوجته أروى بنت حرب ، أخت أبي سفيان ، وكانت عوراء تدعى أم جميل . وقد اختصتها السورة بلون من العذاب في عنقها تُجذب فيه إلى النار ، زيادة في التنكيل بها لما كانت عليه من إيذاء الرسول الكريم ، والإساءة إلى دعوته .

وأبو لهب وزوجته أم جميل كانا من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . روى البخاري عن ابن عباس أن الرسول الكريم خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : " يا صباحاه " . فاجتمعت إليه قريش . فقال : " أرأيتم إن حدّثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ؟ أكنتم مصدقيّ " ؟ قالوا : نعم .

قال : { إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد } . فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك .

فأنزل الله تعالى { تبّت يدا أبي لهب وتبّ . . . إلخ } فهذه السورة من المعجزات ؛ لأنها أخبرت بهلاك أبي لهب وزوجته من أول البعثة .

وقد صدقت ، فماتا على الكفر جميعا .

تَبَّ : خسر وهلك . تبَّ يتَبّ تَباً وتَبابا . يقال في الدعاء على الإنسان : تبتّ يدُه . وتَبّاً له : هلاكاً له .

أبو لهب : عبد العزّى بنُ عبد المطلب ، عم النبيّ الكريم .

تَبَّ : الأولى دعاءٌ عليه بالهلاك ، وتبّت الثانية إخبارٌ بأنه قد هلك . لقد خسر أبو لهب وهلك ، وضلّ عملُه لعدائه للرسول الكريم ، وكثرةِ ما سبّب من الأذى له وللمسلمين . فقد كان من أشدّ الناس عداوةً للنبي صلى الله عليه وسلم .

والتعبيرُ باليد ؛ لأنها أداةُ العمل ومظهرُ القوة . { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] . وهذا تعبيرٌ مألوفُ عندَ العرب ، تقول : أصابتْهُ يدُ الدهر ، ويدُ الرزايا والمنايا .

قراءات :

قرأ ابن كثير : أبي لهب بإسكان الهاء . والباقون بفتح الهاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة تبت ، [ وهي ] مكية .

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ }

أبو لهب هو عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان شديد العداوة [ والأذية ] للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلا فيه دين ، ولا حمية للقرابة -قبحه الله- فذمه الله بهذا الذم العظيم ، الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة فقال : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } أي : خسرت يداه ، وشقى { وَتَبَّ } فلم يربح .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

{ تبت يدا أبي لهب وتب } لما نزل قوله { وأنذر عشيرتك الأقربين } صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا ، ونادى بأعلى صوته يدعو قومه فاجتمعوا إليه ، فأنذرهم النار ، وقال : إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ما دعوتنا إلا لهذا ، فأنزل الله { تبت يدا أبي لهب } .

أي خابت وخسرت { وتب } وخسر هو .