في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

17

ثم يختم تلك الجولة الضخمة الهائلة اللطيفة العميقة بتقرير قضية البعث والقيامة التي يغفل عنها الغافلون :

( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده - وهو أهون عليه - وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم ) . .

وقد سبق في السورة تقرير البدء والإعادة ، وهو يعاد هنا بعد تلك الجولة العريضة ويضاف إليه جديد : ( وهو أهون عليه ) . . وليس شيء أهون على الله ولا أصعب . ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له : كن . فيكون )ولكنه إنما يخاطب الناس بحسب إدراكهم ، ففي تقدير الناس أن بدء الخلق أصعب من إعادته ، فما بالهم يرون الإعادة عسيرة على الله . وهي في طبيعتها أهون وأيسر ? !

( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ) . . فهو سبحانه ينفرد في السماوات والأرض بصفاته لا يشاركه فيها أحد ، وليس كمثله شيء ، إنما هو الفرد الصمد .

( وهو العزيز الحكيم ) . . العزيز القاهر الذي يفعل ما يريد . الحكيم الذي يدبر الخلق بإحكام وتقدير .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } .

المفردات :

المثل الأعلى : الوصف الأعظم .

العزيز : الغالب .

التفسير :

الله تعالى بدأ خلق الكون كله قال تعالى : { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس } . ( غافر : 57 ) .

والله تعالى يعيد هذا الكون بالبعث بعد الموت والإعادة أهون من البدء بالنسبة للمخاطبين وإلا فالله تعالى ليس عليه هين أهون ، فجميع الأمور في قبضته وتحت قدرته .

قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون } . ( يس : 82-83 ) .

والمقصود من الآية التقريب بالنسبة لعقول المنكرين للبعث والإعادة ، فإن إعادة شيء من مادته الأولى أهون على الناس من إيجاده ابتداء .

وقصارى ذلك :

إنه أهون عليه بالإضافة إلى أعمالكم ، وبالقياس إلى أقداركم وذهب بعض المفسرين إلى أن " أفعل التفضيل " على غير بابها فيكون معنى : { وهو أهون عليه } . وهو هين عليه .

{ وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } .

وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه فيهما ، كالقدرة العامة والحكمة التامة ، فكل شيء بدءا وإعادة وإيجادا وإعداما عنده على حد سواء ، ولا مثل له ولا ند فهو منزه عن النظير والمثيل . { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ( الشورى : 11 ) .

{ وهو العزيز } . الغالب الذي لا يغلب ولا يغالب .

{ الحكيم } . في تدبير خلقه وتصريف شؤونه فيما أراد وفق الحكمة والسداد .

***

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الله الذي تجلت قدرته فيما بيناه من الآيات والدلالات والحجج لهو الذي يبدأ الخلق من العدم ثم يعيده يوم البعث للحساب { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي بعثُ الخلق يوم القيامة هين على الله فهو سبحانه المبدئ والمعيد . وهو لا يعز عليه أن يعيد الحياة إلى الخلائق يوم القيامة . وقيل : أهون على ما يقوله بعضكم لبعض ؛ لأنه لا شيء أهون على الله من شيء بل كل شيء على الله هين ويسير .

قوله : { وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } { الْمَثَلُ الْأَعْلَى } شهادة أن لا إله إلا الله . وقيل : المثل الأعلى يعني وصفه الأعلى ؛ فالله سبحانه له الوصف بالوحدانية في السماوات والأرض ؛ فهو خالقهما ومبدعهما من غير شريك له في ذلك ولا نديد .

قوله : { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الله جل جلاله القوي الذي لا يغالَب ، الجبار الذي لا يقهر . وهو سبحانه الحكيم في أقواله وأفعاله ، وفي خلقه وتدبيره وتصريفه للأمور .